5 دقائق

إجازة «وَضْــــع»

إيمان الهاشمي

في الإجازة الطويلة الماضية، بدأتُ البحث عن دار للنشر والطباعة، تحمل صفاتٍ من نوع خاص؛ لأنشر السعادة وأطبع بسمة «غصن الزيتون» على ملامح «الحمام الأبيض» كلما وضع «بيضة» السلام في عش المحبة الإنسانية فوق إحدى الأشجار الذهبية المطلة على أرصفة شوارع «المدينة الفاضلة» أو «الفاصلة»؛ حيث تفصلنا بعيداً عن فلسفة بعض السكان ممن يسكنون «الأموات» أقصد «الأحياء» الفقيرة في «المدينة المناضلة» تحت وطأة «الجوع» الغاشم!

بصراحة! تحتاج «أرواحنا» إلى بعض الراحة، ربما أكثر من الماء والهواء! فأوضاعنا كسرت أضلاعنا!

قال الفاروق: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» فما يفطر الفؤاد أكثر من صورة مشوشة في صحيفةٍ ما لطفلٍ يحتضر جوعاً! حينها تُغمض عينيك بسرعة لا إرادية لعلك تطرد ما تبقّى منها في خيالك، وتستمر على هذه الحال في محاولاتٍ يائسة إلى أن تنزف معالم أجزائها دماً من عينيك، فتتمنى أن تشد الرحال وتغادر فوراً إلى تلك المدينة الخيالية، حيث يكون أقسى ما في صفحة الحوادث هناك «بكاء طفلٍ على لعبة مكسورة»!

بصراحة! تحتاج «أرواحنا» إلى بعض الراحة، ربما أكثر من الماء والهواء! فأوضاعنا كسرت أضلاعنا! وفي كل وضعية صعبة يتم وضعنا فيها في هذا العالم المضغوط! تجدنا نعصر أنفسنا على شاكلة الوضع الجديد لنعاصر العصر المعصور، ونتقبل وضاعة الموضوع على مضض! وهكذا شيئاً فشيئاً حتماً نفقد الإحساس بالألم بعد تشبعنا منه، فنقذف ببعض كلنا أو كل بعضنا فوق موضع الجرح بالضبط، بل قد نهيئ الجو لمبضع الدموع ليتبضع من بضاعة عيوننا مع بضع تنهدات حارة تُقدم له مجاناً، تماماً كأول دمعة نضعها على خد الحياة قبل موعد الرضاعة! وهنا نضيع في عالم وضيع! لكن دوام الحال من المحال والمحال هو حال الأحوال!

وبما أن حلم «السلام» قد جاع كالمجاعة، فاشتد فظاعة وفجاعة، وبما أنه قد سُرق منا (أو ضاع) في هذه الـ«أوضاع» قررت يا جماعة وبكل موضوعية أن أضع السماعة كالطبيب، وأكشف على وضع أرواحنا وهي طريحة فراش أجسادنا ثم أصف لها «روشتة» لتخفيف الوجع، وللتخلص من آلام «وَضْـــع» العالم هذه الأيام، ثم أنصح الأرواح المرضى بالراحة التامة وأحرر للجميع إجازة «وَضْـــع».

eman.alhashimi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر