5 دقائق

ذكر الله في الأيام المعلومات

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

يعيش المسلمون هذه الأيام المعلومات التي نوه الله تعالى بها في كتابه العزيز: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، ليعلم الناس أن فيها من الفضل ما لا يوجد في غيرها، فهي أيام موسم عبادة العمر، والذي شرف بأدائه من لبَّى نداء الله، بل من دعاه الله فأجابه، ومن سأل الله تعالى فأعطاه، ليشهدوا المنافع التي جعلها في حج بيته العظيم المنوه بها بقوله سبحانه: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}، وهي منافع الإيمان، ومنافع الأوطان، ومنافع التعارف بين بني الإنسان، وهذه المنافع قاصرة على من قصد وجهه الكريم بالحج.

أما من لم يحج فله الشق الثاني من الآية الكريمة، وهي: {ويذكروا اسم الله}، وذكر الله الكريم هو من أجل مقاصد العبادة دائماً، وأيام الفضل بخاصة، فإن الذكر منشور الولاية، الذي من أعطيه اتصل، ومن منعه عُزل، وهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبوراً، وعمارة ديارهم التي إذا تعطلت عنه صارت بوراً، وهو جلاء القلوب وصقالها، ودواؤها إذا غشيها اعتلالها، وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته، كما عبر بذلك ابن القيم رحمه الله.

وهذا الذكر يستوي فيه الحاج وغيره، فالحج كله ذكر، «فإنما جعل رمي الجمار والطواف بالبيت؛ لإقامة ذكر الله»، بل إن غير الحاج ينافس به الحاج، فينال المراتب العلى بذكره وشكره وصالح عمله، فقد جعله الله تعالى للناس عامة ليتنافس فيه المتنافسون، فيفوزوا بما فاز به المفرِّدون كما قال صلى الله عليه وسلم: «سبق المفرِّدون»، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيراً، والذاكرات». وإنما فازوا بالذكر؛ لأن الله يذكرهم كما ذكروه، كما قال في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم».

فاغتنام الذكر في هذه الأيام هو الفضل المبين، وهو ما حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، فقال: «ما من أيام أحب إلى الله فيهن العمل من هذه الأيام، أيام العشر، فأكثروا فيهن التكبير والتهليل والتحميد».

وهذا النوع من الذكر شعار الصالحين، وزاد السائرين، وعنوان الفضل بين الأولين والآخرين.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر