5 دقائق

البقاء للأتقى

إيمان الهاشمي

كيف يمكن أن نحقق السلام بلا حرب؟ وكيف نسترد باللين ما قد أُخذ بالقوة؟ وهل يمكن أن نثور على الثورة؟ فنشكل ثورات ضد الثورات في ساحة مصارعة «الثوّار»؟ يكون فيها البقاء لـ«الثور» أقصد «الثائر» الأقوى! ثم نكوّن أحزاباً لتفريق الأحزاب، ونصبح طائفة تطوف بالطوائف إلى ما لا نهاية؟ من دون أن نعي إلى أين نذهب بكل تلك الأرواح البريئة التي تغادرنا بشرف «الشهادة» أو ربما لمجرد اغتيالٍ غير مقصود! لوجودها في المكان والزمان غير المناسبين.. لست أدري!

أنا عن نفسي ما عدت أطيق رائحة الجرائد، ولا ذلك الملمس الدافئ للصحف اليومية، فأسد أذنيّ عن نغمة الأخبار القادمة إلينا على موجة «الإيذاءه» أقصد «الإذاعة»، إذ إنها باتت تضيف نحو ثلاث ملاعق صغيرة من السم الزرنيخ إلى كوب الشاي الساخن كل صباح، الذي عادة ما ينتهي به الأمر بارداً و«غير صالح للشرب» كالدمعة المتجمدة في عينيّ.

فالحقيقة أننا أصبحنا نقلب «الصفعات» مع «الصفحات»، فنجد في كل صفحة صفعة حارقة تحرق «أعصابنا» بعدد ما أصابنا، والمؤلم أنه مهما كانت الحلول سِلميّة فلابد من فرضها بالقوة على من يرفضون السلام! لأن الحق المخنوق كان لابد أن يصرخ في يوم ما؟ وهذا حقه! لكن يبقى السؤال إلى متى؟ وإلى أي مدى؟ فالحروب باتت تنتشر كالطاعون الذي يفتك بجمجمة الكرة الأرضية، مسبباً للفضاء أخبث سرطان الضوضاء! والمصيبة أننا جميعاً ندرك أن المصير الأكيد «لن ينجو أحد».

وها أنذا أمسك بقلمي الأحمر وأنظر إلى خريطة العالم بتركيز عميق لأضع علامة «إكس» على المناطق الموبوءة، فأجدني أثني ذراعي معاً وأجول بارتعاشٍ شديد في كل الزوايا وأحركهما كالأخطبوط، ثم أرمق «قلمي الأخضر» بعيونٍ قلقة لأضع دائرة مهزوزة حول الأماكن المتبقية أو المؤهلة للانقراض أو الآيلة للسقوط! ثم أقف متسمرة في مكاني لأتساءل هل حقاً «البقاء للأقوى»؟ أم للأشقى؟ أم للأغنى والأرقى؟ أم للأصفى والأنقى؟ ثم أصمت فترةٍ وجيزة كي أفكر قليلاً.. لأتمتم بعدها بكل ثقة «البقاء للأتقى.. نعم للأتقى.. حتماً للأتقى».

eman.alhashimi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .
 

تويتر