5 دقائق

الشيطان (الريجيم)

إيمان الهاشمي

ها قد انتهت الأيام المباركة على خير والحمد لله، بعد أن رسمت ابتسامة (عريييييضة) على قلوبنا وأيضاً على «أجساد» بعضنا! ومن هنا يبدأ مشوار الألف «غرام» من أول «كيلو».

إن «العقل السليم في الجسم السليم»، ولذلك نعمل جاهدين للحفاظ على اللياقة البدنية بعيداً عن البدانة ومضارها المعروفة لدى الجميع (على حد علمي)، لكن هنالك خط رفيع جداً بين الصحة الحقيقية والوزن المثالي، فليس من الضروري أن يكون الهيكل الخارجي مقترناً بالمعيار الصحي داخلياً! والدليل أن البعض يعاني سوء تغذية رغم صلابة «الكرش» في بنيانه والعكس صحيح، لكن هذا لا يعني ان نطلق العنان لخيال «الدهون» في بناء أسوار «الشحوم» حول أجسادنا!

فالموضوع الأساسي «ماذا وكم نأكل؟» وليس كيف نبدو بشكل لائق فحسب، فلو سلطنا الضوء على فئة معينة في المجتمع «ويا كثرها!» لوجدنا العديد من الأجسام التي تنهار أمامنا من أجل «الموضة» أو«خصر البنطلون الجديد»! حينها سنتفهم لماذا يتحول «الريجيم» من نية الصحة واللياقة والمظهر الحسن إلى «شيطان رجيم» يوسوس للنفس البشرية كي تهدد حياة الإنسان وتعرضها للخطر الجسدي والنفسي على السواء، ومع أن فكرة وضع هدف أو حافز يحث الذات على المثابرة والإصرار للمضي في مراحل النظام الغذائي لإنقاص الوزن الزائد لا تبدو سيئة إطلاقاً، إلا أن انحراف «الوسيلة» أصبح لا يبرر «الغاية» في هذه الحالة.

لقد انتشرت أخيراً أمراض «نفسجسمانية»، تربصت بجميع الأعمار خصوصاً سن البلوغ ومرحلة بناء الهياكل الشابة، مثل مرض فقدان الشهية العصبي «الأنوريكسيا نيرفوزا» ونظيره مرض الشراهة العصبي «البوليميا» والعديد من اضطرابات التغذية، والممارسات الخاطئة كالتمارين الرياضية المنهكة أو تناول كل ما له علاقة بتخفيض الوزن، متناسين أن كلمة «حمية» مشتقة من «الحماية» كي تحمي الجسم من السعرات الحرارية الفائضة وحرقها، لا حرق أعمارنا وصحتنا! وهكذا نرى كيف اختلت علاقتنا «اللذيذة» بالطعام وتحولت من صداقة «شهية» إلى عداوة «لاذعة».

قال تعالى: «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ»، وبما أن الموضوع كثير التشعب، وأنا لست مؤهلة علمياً بما فيه الكفاية للإفتاء به، لذا أجد أنه من الضروري اللجوء إلى اختصاصي في هذا المجال كلما ارتأينا الحاجة إلى ذلك، لأن المؤشر الطبي هو الدليل القاطع والأدرى بما يجول في خاطر أبداننا، عوضاً عن التسليم الكامل بالمقولة الجارية «أغلق فمك تصح».

لذا تمهل واستعذ بالله من الشيطان «الرجيم» قبل أن تفكر في وساوس «الريجيم».

eman.alhashimi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر