أبواب

الأدب‭ ‬النسوي‭ ‬العربي‭ ‬

خليل قنديل

تتمتع‭ ‬الكتابة‭ ‬النسوية‭ ‬العربية‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬النقاد‭ ‬والمهتمين‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬ـ‭ ‬بفائض‭ ‬العناية‭ ‬والاهتمام،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬سوية‭ ‬المنتج‭ ‬الادبي‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬النسوية،‭ ‬بالمدح‭ ‬وتكبير‭ ‬الرأس‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الاديبة‭ ‬أو‭ ‬الكاتبة‭ ‬لها‭ ‬بعض‭ ‬الصفات‭ ‬الجمالية‭ ‬المناسبة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬جمال‭ ‬الملامح‭ ‬والقوام،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬رافعة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تسوية‭ ‬الموقع‭ ‬الادبي‭ ‬المناسب‭ ‬لهذه‭ ‬الكاتبة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭.‬
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬التاريخي‭ ‬ـ‭ ‬لم‭ ‬تواجه‭ ‬باللجم‭ ‬الابداعي‭ ‬ومنع‭ ‬النطق،‭ ‬بل‭ ‬ظل‭ ‬العرب‭ ‬يتفاخرون‭ ‬بالشاعرات‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬فإن‭ ‬التخلف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يفرز‭ ‬حالات‭ ‬اجتماعية،‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تقزيم‭ ‬المرأة‭ ‬وإبعادها‭ ‬عن‭ ‬الانخراط‭ ‬الفعلي‭ ‬والعفوي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذاتها‭ ‬الكتابية‭ ‬والابداعية‭.‬
والمرأة‭ ‬الخارجة‭ ‬للتوّ‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬‮«‬الحرملك‮»‬،‭ ‬والاختباء‭ ‬المزمن،‭ ‬تبدو‭ ‬حينما‭ ‬تكتب‭ ‬كأنها‭ ‬حالة‭ ‬تفجيرية‭ ‬للوضع‭ ‬الكتابي،‭ ‬وهي‭ ‬إن‭ ‬نطقت‭ ‬فإنها‭ ‬تنطق‭ ‬بأسرار،‭ ‬وتكشف‭ ‬عن‭ ‬الكامن‭ ‬والمشتهى‭ ‬عند‭ ‬المرأة‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬يجيّش‭ ‬حالة‭ ‬الفضول‭ ‬عند‭ ‬الناقد‭ ‬والباحث‭ ‬والقارئ‭ ‬أيضاً‭.‬
لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬نجد‭ ‬المرأة‭ ‬الكاتبة‭ ‬تتحاشى‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الكتابة‭ ‬الشعرية‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سائد،‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬يبدو‭ ‬أكثر‭ ‬الحاحية‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬والبوح‭ ‬وجرأة‭ ‬النطق،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬السرد‭ ‬الذي‭ ‬يحتمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التوريات‭.‬
وفي‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬عربياً،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الكاتبة‭ ‬العربية،‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تظهر‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المشهد‭ ‬الثقافي،‭ ‬حتى‭ ‬تبدأ‭ ‬عملية‭ ‬استدراجية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكتّاب‭ ‬الذكور‭ ‬لمحاولة‭ ‬جرها‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬ومشاغلها‭. ‬وترافق‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاغواءات‭ ‬مقالات‭ ‬ودراسات،‭ ‬ينبري‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬وأشباه‭ ‬النقاد،‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تعميد‭ ‬الكاتبة‭ ‬بالاطراءات‭ ‬والمدائح،‭ ‬وبالطبع‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬المسبقة‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬ـ‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الكاتبة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المميزة‭ ‬والمضيئة‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬الابداع‭ ‬العربي‭.‬
والحال‭ ‬أننا‭ ‬نلمس‭ ‬حالة‭ ‬تكاثر‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬المرأة‭ ‬الكاتبة‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬والمهرجانات‭ ‬الثقافية‭ ‬العربية‭ ‬والدولية،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬الكاتبات‭ ‬يتحولن‭ ‬إلى‭ ‬فاكهة‭ ‬محرضة‭ ‬للمخيال‭ ‬الذكوري‭ ‬المريض،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نضع‭ ‬هذا‭ ‬الإلحاح‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬المكثفة‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المهرجانات‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الشبهة‭.‬
والغريب‭ ‬أن‭ ‬الكاتبة‭ ‬العربية‭ ‬الطازجة‭ ‬نسبياً‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬مدى‭ ‬هذا‭ ‬الخبث‭ ‬الذكوري،‭ ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬قليلاً‭ ‬كي‭ ‬تطابق‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يقولونه‭ ‬عنها،‭ ‬وبين‭ ‬الحالة‭ ‬الكتابية‭ ‬التي‭ ‬تميزها‭ ‬بالفعل،‭ ‬بل‭ ‬تعتاد‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬حالة‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬المدح‭ ‬والعناية‭ ‬الابداعية‭ ‬المركزة‭.‬
وفي‭ ‬الذاكرة‭ ‬العربية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاسماء‭ ‬النسوية،‭ ‬اللواتي‭ ‬عبرن‭ ‬تجربتهن‭ ‬الابداعية،‭ ‬وهن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬دائمة‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نستذكر‭ ‬غادة‭ ‬السمان،‭ ‬ومي‭ ‬زيادة،‭ ‬وفدوى‭ ‬طوقان‭.‬
إنّ‭ ‬تجربة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قرن‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬النسوي‭ ‬العربي،‭ ‬تجعلنا‭ ‬بالضرورة‭ ‬نفتش‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الضجة‭ ‬النقدية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الاسماء‭ ‬النسوية،‭ ‬اللواتي‭ ‬أخذن‭ ‬هذه‭ ‬المساحة،‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬النوع‭.. ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬المأساة‭!‬
 

khaleilq@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر