أبواب

هنا القدس

زياد خدّاش

خرجت من لقاء مطول في  مقر المؤسسة الفلسطينية للتنمية الثقافية (نوى) مع  العزيز نادر جلال، «مدير المؤسسة»، وأنا فاقد للقدرة على التركيز وأحياناً النطق خجلاً من نفسي، ومتحسراً على وطن لا يعرف شيئاً عن غنى ماضيه وعمق تراثه، أعترف أن ثقافتي الموسيقية ضعيفة «رغم  حبي  الكبير للموسيقى»، وأنني أحاول دوماً تطويرها وتعميقها، كنت أعرف بشكل عام أن هناك بعض  المؤلفات  الموسيقية  الفلسطينية قبل عام 48، وأعرف عن زيارات قام بها شعراء وفنانون عرب شهيرون الى يافا، والقدس، تأكيداً على مركزية دور المدينتين الكبير ثقافياً وعمرانياً وصناعياً وفنياً قبل 48.

إن حقيقة حجم إسهام الموسيقيين الفلسطينيين في نهضة الموسيقى العربية صعقتني. قال لي نادر: بالصدفة عثرت على هذا البيت واتخذته مقراً  للمؤسسة، والمفارقة هي أنني اكتشفت أني من مواليد هذا البيت، وأن أحد أبنائه هو أخي بالرضاعة، هذا كله جعل انتمائي وعلاقتي بهذا المكان حميمياً وخاصاً، وزادني حماسة لموصلة مشروعي في جمع وأرشفة  تراث  الموسيقيين الفلسطينيين قبل عام 48. أعرف نادر من 20 عاماً، ولكني لم أره بهذا  الحجم والحدة في الانفعالات وهو يتحدث عن حلمه الكبير في جمع تراث  الفلسطينيين الموسيقي. يسافر نادر الى العديد من دول العالم بحثاً عن آثار موسيقية وأبحاث وأخبار لموسيقيين فلسطينيين، غادروا عالمنا، لكن أحفادهم وأبناءهم مازالوا يحتفظون بآثارهم وتفاصيل حياتهم، وانجازاتهم. بدأ نادر برنامج استعادة التراث تحت عنوان «هنا القدس»، بدأه مع الفنان  «روحي الخماش»

 الذي كان من أشهر فناني اذاعة «هنا القدس» في الثلاثينات حيث عمل رئيساً للفرقة الفنية التابعة للاذاعة، وغاد الى العراق عام 48، حيث أسهم بشكل كبير في إغناء الحياة  الموسيقية العراقية، وعمل مدرساً في معهد الفنون  الجميلة في بغداد، وأسس فرقاً موسيقية قدمت من خلالها  مؤلفاته في مجالات موسيقية عدة كالموشحات والأناشيد الدينية والأغاني  الوطنية. أصدرت «نوى» ألبوماً لمؤلفات الخماش الموسيقية في فن الموشحات، واحتفت بذكراه في احتفال غنائي كبير جرى في قصر الثقافة برام الله قبل عام، أربعون اسماً لموسيقيين فلسطينيين،  بعد روحي الخماش في قائمة برنامج

«هنا القدس»، يقول نادر إنه شرع في البحث عن أرشيف الفنان محمد غازي، يليه آخرون كان لهم  دور عظيم  في نهضة  فلسطين موسيقياً، قبل نهضات العديد من دول العالم العربي كالقاهرة وبيروت.

 من الأسماء: رياض البندك، يحيى اللبابيدي  رجب الأكحل، أبوسعيد الحطيني، يوسف  بطروني، يوسف خاشو، ابراهيم  عبدالعال، جليل ركب، وآخرون كثيرون..

تحية الى شخص نادر جلال الذي مازال  صامداً ومتحمساً ومتفرغاً لحلمه، رغم كل المحبطات من نقص التمويل ومن تجاهل المؤسسات الرسمية، كل الحب إلى مؤسسة «نوى».

zkhadash@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر