5 دقائق

النفس و«السوء» أم النفس و«السوق»

إيمان الهاشمي

من منّا لا يشعر بالفرحة عند اقتنائه لشيءٍ جديد؟ أو لحصوله على ما يريد؟ خصوصاً عند التجوّل في الأسواق بحثاً عن حاجته؛ ففي داخل كلٍ منّا «طفلٌ» يهللّ لنا كي نقوم بتدليله على أكمل وجه! لكن ما المعيار الذي يجب أن ندركه ونتداركه قبل أن يتحوّل هذا الطفل إلى «إخوان الشياطين»؟ بحسب قوله عزّ وجل: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)؟ وبما أن طبيعة النفس البشرية هي الأمر بالسوء كما ذكِرَ في القرآنِ الكريم (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) لذلكَ يعدّ جهاد النفس أعظم جهاد؛ وهذا ما أكدّه المصطفى في أحاديثٍ عديدة منها (أَملِكُوا أَنْفسَكُم بِدَوامِ جِهَادِهَا) أو (أَفْضل الجِهَاد مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ التّي بَيْنَ جَنبِيهِ)، لكن من منّا لم يشترِ شيئاً ولم يندم عليه في يومٍ ما؟ سواء كان بسبب وقوعه تحت شباك الغش التجاري أو بسبب التسرّع وعدم القناعة بعد شرائه أو لإصابته «بحمى الشراء» التي قد تصيب «البعض» في كل زمان ومكان بغض النظر عن «حالة الجيب» إن كان عامراً أم مغامراً، فالأسباب الحقيقية لهذه «الحمى» لاتزال مجهولة إلى حدٍ ما! والتي من أهم أعراضها «شِراء الأخضر واليابس» للحصول على الشعور المؤقت بالسعادة والرضا وإشباع الذات ومن ثم الإحساس بالضيق والخسارة والندم (كلٌ بحسبِ درجاتِه) إلى أن يتلاشى هذا الإحساس شيئاً فشيئاً ويصبح جزءاً لا يتجزأ من طباع الشخص «المحموم».

قريباً سيطرق العيد الأبواب مُبتسِماً ليُدخِل البهجة في قلوب الصغير والكبير بثوبه المتلألئ وسماحة صدره التي تُشرق في كل دار، لكنه أحياناً يدق معه ناقوس الخطر على بعض الجيوب «المصابة بالحمى» لتطل بثوبها الزاهي إثباتاً على المظاهر الخارجية للسعادة والسرور بينما ينهار الجزء الداخلي صارخاً  في وجه  الإسراف أو «هادم اللذات» بما لا يحتاج إليه العيد أبداً!

أنا هنا لا أقصد الكم وإنما الكيف، أي ليس بكم اشتريت؟ بل لماذا اشتريت؟ فقد قال سبحانه وتعالى :«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» وهذا بحد ذاته نعمة  من نعم الله علينا والحمدلله ولذلك وجب إظهار ما حبانا رب العباد للجميع مع الشكر والحمد الكبير، من دون نزعة التكبّر والإسراف والتبذير وحب اقتناء ما لا يلزمنا إطلاقاً أوتكديسه دون الشعور بقيمته أو حاجة الغير له، خصوصاً في مناسبة كريمة ومباركة مثل «عيد الفطر».

كي لا تُفسَد فرحة العيد؛ يرجى على كل المصابين «بحمى الشراء» الإسراع بأخذ جرعة الدواء من نفحات الإيمان اللازمة للاعتدال في ضبط الذات التي تأمر «بالسوق».

eman.alhashimi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر