‬5 دقائق

لعلكم تتقون

د.عبدالله الكمالي

من نعم الله العظيمة على عبده أن يوفقه لإدراك شهر رمضان وهو في صحة وعافية وأمن وإيمان، فهذه نعمة تحتاج منا إلى شكر عظيم لله عز وجل، فكم من إنسان صام معنا رمضان الماضي ونحن نفقده في هذا الشهر الفضيل، وكم من إنسان أدرك شهر رمضان وهو في مرض أو فقر أو في بلد تمزقه الفتن والحروب، نسأل الله العافية والسلامة، لذلك أيها القراء الكرام لابد علينا من شكر الله لتوفيقه لنا بإدراك شهر رمضان، فكم جاءت لهذا الشهر من فضائل كثيرة في النصوص الشرعية، ففي الحديث الصحيح: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». وفي حديث آخر: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». وفي حديث آخر أيضاً: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». فهذه مغفرة على مغفرة يمن الله بها على عباده، فهو جل جلاله له عتقاء من النار في كل ليلة من شهر رمضان، نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم. ويلاحظ الجميع أن شهر رمضان في هذه السنة جاء في شدة الحر مع طول النهار وقصر الليل، ولكن الأجر على قدر المشقة، وهذا التعب لا يضيع عند الله، بل ما أطيبه من تعب وألذها من مشقة إذا كانت مترتبة على طاعة الله والتقرب إليه، فأهل الصوم لهم باب يدخلون منه إلى الجنة اسمه باب الريان، فكما أنهم ظمئوا في الدنيا بسبب الصيام يكرمهم الله تعالى بالري التام في الدار الآخرة، والحريص على الخير لا يخدش صيامه بما ينقص الأجر والثواب، فيترك الغيبة والنميمة والكلام السيئ والنظر المحرم، وغير ذلك من الأمور المحرمة، بل يعتبر شهر رمضان فرصة بداية خير لترك هذه المحرمات قدر الاستطاعة بالكلية، فرمضان شهر التقوى، فمن وجد في نفسه زيادة في التقوى في رمضان فليحمد الله وليستمر على الخير، وليسأل الله المزيد، ومن وجد من نفسه نقصاً في التقوى في رمضان فعليه بمراجعة نفسه، ومن أعظم أبواب التقوى في رمضان قراءة القرآن الكريم، فهنيئاً لمن أقبل في رمضان على القرآن وتلاه آناء الليل وأطراف النهار.

ومن أبواب التقوى في رمضان بذل النفع المتعدي للآخرين، فنتقرب إلى الله بالقرب والعبادات التي يتعدى نفعها للناس من إطعام الطعام وبذل الصدقة وتفطير الصائمين، وتفقد الضعفاء والمساكين والمحتاجين، مقتدين بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان في رمضان شديد الجود والكرم، وكان بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام أجود بالخير من الريح المرسلة.

والخلاصة أيها الأحبة الكرام، لنتذكر جميعاً أن من أعظم مقاصد الصوم تحقيق التقوى، كما قال الله تعالى: «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون».

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر