‬5 دقائق

اطلبوا العلم ولو في «المريخ»

إيمان الهاشمي

قبل أسابيع قليلة اصطادت عيناي عنواناً اخترق سهمه حدة بصري في الصميم، عن تخرج رجل تجاوز السبعين عاماً في الجامعة، حاملاً شهادة عمره في البكالوريوس؛ من وقتها وأنا لا أنفك عن التفكير في عجائب الله عزَّ وجلَّ في تطويع قدرة الإنسان وشد عزيمته إلى آخر رمق، ثم وقفت أتأمل بعمق مدى صدقية المقولة المشهورة: «اطلب العلم من المهد إلى اللحد»، وعن الإمام أحمد بن حنبل، حينما قال: «إنما أطلب العلم إلى أن أدخل القبر»، كل هذا جعلني أقف مشدوهة، بينما أصفّق له تحية وإعجاباً، لما قد أثبته عن جدارة وبكل فخر في ترجمة قدرات الإنسان على أرض الواقع.

 

إن أهمية العلم في أي مجتمع سليم، هي أول لبنة توضع في عقل الفرد منذ نعومة أظفاره، ومع أن أظفارنا أصبحت تتقلب مع تقلبات الزمن وترهلات العمر، إلاَ أننا لانزال نناضل وبشدة مع أنفسنا ومع فلذات أكبادنا أو جميع من نحب لنحثهم على نيل أعلى درجات العلم، وقتما كان وأينما كان، مهما كلّف الأمر، وذلك لإقرارنا التام بفوائد العائد عليه، ومن هنا جاء الإيقان بأن العلم ضرورة وحق طبيعي، يجب ألا يسقط عن أي فرد.

 

إنني لا أكتب اليوم مقالاً علمياً يبحث في أهمية العلم والتعليم، فهنالك العديد من المخوّلين المسؤولية والأكثر جدارة مني للإفتاء في هذا الميدان، لكنني أردت أن أصوّر لكم ما رسَمَته لي مخيلتي من هتافات تشجيعية لمست أعماق روحي، عندما قرأت ذلك العنوان بالخط العريض، فشعرت بحرارة الشوق تدفعني لبلوغ أعلى قمم العلم، بينما كنت متأكدة في قرارة نفسي أن جميع من لمحت أعينهم هذا المقال شعروا بالشعور ذاته، هذا بغض النظرعن تلك الفئة «الساخرة»، التي تحول كل أمور الحياة إلى «مسرحية كوميدية»، هم أبطالها في الحقيقة! وبما أنني كسائر الناس أشاهد أيضاً ما يجري حولي من «تصفيرٍ طويل»، يكاد لا ينتهي لأبطال الغناء والرقص والمواهب المتعددة في المجالات كافة، وجدت نفسي أتساءل بما أنني لست ضد أي نوع من هذه النشاطات أو غيرها، بل أعتبرها وسيلة لتفريغ الطاقات البشرية، وتحويل الشحنات السلبية إلى إيجابية، طبعاً كل على حسب ما يراه مناسباً له ولعاداته وتقاليده وعقيدته؛ لكنني هنا ـ ومن وجهة نظري ـ رأيت أن لو تعكس نظارات الحكّام نظرة خاطفة على فئة من يستحق لقب فارس «آرابز جوت تالينت»، أو المواهب العربية، لتشمل من يستطيع إنجاز وتحقيق ما لم يقدر عليه الكثيرون.

 

ليبقى السؤال: هل حقاً أصبح طلب العلم ـ ولو في الصين ـ أمراً هيّناً وبسيطاً وبمقدور الجميع؟ أم أنه استوجب علينا لاستقطاب الأنظار ونيل الاستحسان أن نقوم «بالمهمة المستحيلة»، على غرار نجم هوليوود «توم كروز»؟!

 

لذلك أقترح تجديد الصيغة القديمة إلى: «اطلبوا العلم ولو في المريخ»!.

eman.alhashimi@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها.

تويتر