من المجالس

تحايل مدروس

عادل محمد الراشد

سيبقى «التوطين» موضوعاً شائكاً، تحفه الصعوبات، وتلفه العقبات، وينتابه الكثير من التحايل على الأوامر والتوجيهات، والتلاعب بالمعلومات والبيانات. في البنوك انكشف ستر وظيفة مدير الموارد البشرية، التي صارت بعض البنوك تعين فيها شخصين، أحدهما مواطن بلا صلاحيات، والثاني غير مواطن، بمسمى نائب مدير أو مستشار، وفي يده كل صلاحيات التوظيف وما بعد التوظيف، وعمدت بنوك أخرى إلى ترك المنصب شاغراً، مع تكليف مدير أجنبي بمسمى وظيفي مختلف، للقيام بأعمال مدير الموارد البشرية، وهكذا يتم إغلاق كل المنافذ على سياسة التوطين، مع الإبقاء على بعض الفجوات الضيقة لتعيين مواطنين ومواطنات في وظائف هامشية، وبدرجات متدنية، لتكملة العدد أو الدنو منه، ثم تبدأ عملية «التطفيش»، ليكون التسرب قرار الموظف وليس البنك.

وفي الخطة «ج» يكون دور شركات التوظيف أو التعهيد توفير الموظفين بعقود من خارج الهيكل الوظيفي للبنك، ولا تدخل أعدادهم ضمن ملفات إدارات الموارد البشرية، لتبدو نسبة المواطنين مسايرة للنسبة المطلوبة على الورق، بينما هي قطرة في بحر من حيث العدد، ومن حيث تولي المناصب القيادية، وشغل الوظائف التشغيلية الفعالة. نورد البنوك على سبيل المثال لا الحصر، فمثل هذه الحال تكاد تتكرر في معظم المؤسسات والهيئات والشركات الحكومية وشبه الحكومية والوطنية المساهمة، إذ تواجه سياسة التوطين، التي جعلتها الحكومة إحدى ركائز عملها الثلاث (التوطين، التمكين، التعليم)، مقاومة شديدة، تارة بتجييرها نحو زيادة العدد، بعيداً عن المناصب القيادية والمواقع المؤثرة، وتارة باستخدام سياسة الملء والتفريغ برمي الحجة على تسرب المواطنين، من دون ذكر الأسباب، وهذا لن يوقف عملية التوطين الماضية بإرادة وطنية شاملة، لكنه سيرمي في طريقها الكثير من العقبات في مسعى لإفشالها، وهنا تكمن مسؤولية الكوادر الوطنية القائمة على أمر هذه المؤسسات، لتتحمل مسؤوليتها في تحقيق أهداف الحكومة في فرض التوطين وتحقيق التمكين.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر