من المجالس

«التعاون» ملاذ الوضع العربي

عادل محمد الراشد

وسط ضجيج وفوضى «الربيع العربي»، يبرز مجلس التعاون الخليجي كرمانة الميزان في حراك الوضع العربي الملتهب. فقد طرحت دول المجلس نفسها خلال عقود ما بعد الاستقلال نماذج ناجحة، لمفهوم الدولة المستقرة والمنجزة والناجحة، في التحول عبر مراحل التقدم، وفق رؤى واضحة لا تشوش عليها صراعات الداخل، ولا تستطيع أن تخترقها مكائد الخارج. لذلك عندما حدثت اضطرابات الثورات العربية، وتراجعت ما تسمى «حواضر العرب» عن دورها المركزي حضرت دول مجلس التعاون، لتسد الفراغ، وتقدم جهودها لفعل ما يمكن في التصدي للتداعيات، ومحاصرة الفوضى، ومواجهة المتصيدين داخل مياهها العكرة، الراغبين في إعادة رسم الخرائط، وقلب الموازين على أسس طائفية وفئوية وعرقية. ما يحدث في سورية ـ الآن ـ يقفز بتلك الأهداف أشواطاً طويلة، تلتقي فيها إرادات متناقضة، وعقائد مختلفة، ومصالح متضاربة، تلتقي كلها على استهلاك عزم العرب، واستنفاد كل طاقتهم، ودفعهم للقبول بواقع جديد، تكون فيه «إسرائيل»، و«إيران»، هما القوتان الإقليميتان الوحيدتان، اللتان تتقاسمان النفوذ والمصالح، وأسباب القوة في المنطقة، ومن خلفهما حلفاؤهما الدوليون المشتركون. وتاريخ التفاهم الإيراني ـ الإسرائيلي قبل وبعد الثورة، ومواقف الغرب المائعة تجاه طموحات إيران النووية والتوسعية، وبقاء «حزب الله» خارج القائمة الأوروبية للإرهاب، رغم أدواره المكشوفة، كل هذه تؤكد طبيعة هذه التفاهمات على حساب الوجود العربي. لذلك يجد مجلس التعاون الخليجي نفسه أمام دور، هو قدره، يفرض عليه اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً وحزماً، تجاه أطماع إيران، وتعسف مواقفها في إشعال النيران وإثارة الفتن على الساحة العربية والتدخل في شؤون الدول والشعوب العربية، بهدف تفكيك منظومة العمل العربي من أساسها، والاستحواذ على واقع ومستقبل الأمة العربية، عبر تفاهم أصبح مكشوفاً مع قوى الاستعمار والنفوذ في العالم. والاضطلاع بهذا الدور يفرض على دول المجلس المزيد من التوحد في المواقف وقراءة كراس المصالح بعين واحدة.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر