مزاح.. ورماح

فنانات الــ «كورتيزون»

أحمد حسن الزعبي

الشفافية الغائبة و«الدهلزة» على الناس لم تعودا صفتين تخصان الأنظمة العربية وحدها، فقد انتقلت هذه العدوى إلى النجوم والشخصيات العامة والمشاهير، وحتى الناس العاديين، على سبيل المثال: تلاحظون أن نصف الفنانات لم يجدن بعد «شريك حياة»، وأن نصفهن الآخر لا يفكّر في الزواج على الإطلاق في الوقت الحالي، مع أنه لو أتيح لنا أن نطلع على سجل الأحوال المدنية الخاصة بهن لوجدنا أن بعضهن لديه «ليستة» من الأزواج السابقين أطول من «منيو» أي مطعم تركي.

حتى في الأمور الجمالية والصحية ليس لديهن أي استعداد لقول الحقيقة، فلن تجد فنانة عربية واحدة زاد وزنها أو عرضت أكتافها أو انتفخت أطرافها سُمنة و«نصاحاً» إلا وعزت ذلك إلى «الكورتيزون»، وإذا لم تصدقني فقط ضع على «غوغل» هاتين الكلمتين «الفنانة.. كورتيزون» تجد الأخبار التالية.. سمية الخشاب: كنت مريضة وأخذت جرعة كورتيزون فازداد وزني، المغرب الآن: الفنانة ليلى المغربية السبب في زيادة وزني الكورتيزون، الفنانة اللبنانية تسعى لإنقاص وزنها بعد خضوعها لعلاج بـ«الكورتيزون»، هيفاء وهبي: لم أشعر بفرحة زفافي بسبب الكورتيزون، طبعاً هذه عينة من عناوين كثيرة تعج بها المواقع المنوعة والمجلات الفنية.

بالمقابل فنانة عالمية بحجم «أنجلينا جولي» لم تتكتّم على عملية جراحية تكاد تكون مفصلية في مشوارها الفني، لا بل وأعلنت عنها بكل شجاعة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، لتشجّع سيدات العالم اللاتي يعانين خطر الإصابة بسرطان الثدي على أن يقمن باستئصاله فور اكتشافه، مستبعدة تماماً مبدأ الربح والخسارة المادية من سوق الإعلانات والإنتاج، وغير مكترثة بمن سيسقطها من لائحة إعجابه أو يبقيها، فمن وجهة نظرها صحّتها وصحة سيدات العالم أهم بكثير من بريق الأضواء، فمن كان يحب أنجلينا جولي لأنها أنجلينا جولي، لن تتغيّر نظرته إلى الفنانة قبل العملية الجراحية أو بعدها.. بالمناسبة أنا أحترم الجانب الإنساني في هذه المرأة على الرغم من كل ما يقال حولها، وهذا جزء مما دفعته من مالها الشخصي للاجئين والمنكوبين والمشرّدين والمرضى، فقد تبرّعت لمخيّم الزعتري بأكثر من نصف مليون دولار، ومنحت مليون دولار قبل سنوات لمعسكرات اللجوء الأفغاني في باكستان، ومليون دولار لمنظمة أطباء بلا حدود، ومليوناً ثالثاً لمنظمة الطفل العالمي، ومليون دولار رابعاً لمنظمة «غلوبل إيدز إليانس»، ومليون دولار لمنكوبي دارفور، خمسة ملايين دولار لأطفال كمبوديا و‬100 ألف لمؤسسة دانيال بيرل، وأكثر من خمسة ملايين لمئات آلاف اللاجئين العراقيين، عدا الأطعمة والأدوية، كما أنشأت أخيراً عيادة طبية لمكافحة الإيدز في إثيوبيا، وغيرها الكثير الكثير.

بينما لم تدفع أي من فنانات «الكورتيزون» لمؤسسة خيرية أو مستشفى سرطان عربي أو دار أيتام فلساً أحمر.

طبعاً لأنه لا تستهويهن أماكن اللجوء ولا رائحة المرض ولا ظلمة التهجير.. هن فقط «يلجأن» إلى «مصمم أزياء عالمي» وينزحن إلى «كوافير جديد».. ويبحثن عن بقعة ضوء ليتغذّين عليها.. تدعى رغيف «الشهرة».

أنجلينا جولي.. ما ع قلبك شرّ..

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر