من المجالس

صناعة التطرف في سورية

عادل محمد الراشد

يبدو المشهد في سورية كأنه يدفع عمداً نحو التطرف، وذلك لإدخالها في نفق الفتنة وتوريطها في تشابك داخلي يطول أمده، وتمزق في نسيج المجتمع يُلحق سورية بالحالة العراقية، ويمهد لجولة جديدة في ساحة عربية أخرى تحقق شرق أوسط جديداً يكون فيه الكيان الإسرائيلي القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية الوحيدة الجديرة بالحياة وسط كيانات عرقية وطائفية وقبلية متناحرة ومتخلفة وتابعة.

عندما بدأت الثورة السورية كان المشهد سورياً وطنياً اختلطت كل ألوانه بلون علم الاستقلال. في الشارع مسيرات ومظاهرات سلمية، وبعد أن اضطرت الثورة إلى حمل السلاح في مواجهة جرائم النظام كان الجيش السوري الحر هو عنوان المقاومة العسكرية وغطاءها. لم يكن للتطرف حضور طاغٍ ولم يكن للمتطرفين يد عليا في الميدان، الى أن تمادى المجتمع الدولي في توسيع مدى اللعبة والرقص على آلام الشعب السوري، وتصفية حساباته الدولية والإقليمية بدماء السوريين. عندها بدأت الموازين تتحول في قناعات قطاعات واسعة من الشعب السوري، وبدأ التطرف يجد له المزيد من الآذان الصاغية، وبدا المشهد كأنه يؤكد للجميع أنه لا حل يرتجى من مجلس الأمن الدولي المتواطئ، ولا جامعة الدول العربية الكسيحة، ولا من ما تسمى دول العالم الحر. بدت الأحداث تصب في اتجاه واحد؛ وهو اليأس من قرب الحل، وفقدان الثقة بكل اللاعبين على مصير سورية ومستقبل السوريين. ونتيجة اليأس معروفة، ونهاية فقدان الثقة معلومة، فعندما تنكشف أكاذيب الأصدقاء وعجز الأشقاء وخبث الأعداء فإن الركون إلى أقصى طرف الطريق هو الخيار الوحيد المتاح. ولذلك يتم تصوير المشهد في سورية الآن كأنه يتجه الى ذلك الموقف النائي المتطرف في المشهد العام، ويشترك في تقديم هذه الصورة كل من أعداء الثورة السورية، المتمثلين في النظام وحلفائه، ومن يدّعون نصرتها ودعمها من العرب والدول الغربية. وكلما اتسعت مساحة اللعبة الدولية ضاق أفق المشهد السوري.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر