من المجالس

لم تعد دخيلة

عادل محمد الراشد

بعد كل جريمة أخلاقية صادمة تحدث نسمع عبارة «إن هذا النوع من الجرائم دخيل على مجتمع الإمارات». فهل هي كذلك بالفعل؟

ربما كان مثل هذا القول حقيقياً قبل ‬30 سنة، عندما افترس الوحش الآدمي عفة الطفلة (ليلى) ذات الأعوام السبعة في رأس الخيمة، وتركها جثة هامدة، لتكون شاهدة على زمن سيأتي، وستكون فيه أخبار مثل هذه الاعتداءات والحوادث المقززة جزءاً من المشهد الإعلامي والإخباري المألوف.

هو بالفعل أصبح خبراً مألوفاً، وإن كرهته النفوس، واستنكرته الفطرة السليمة. فعندما يصل عدد جرائم هتك العرض والاعتداءات الجنسية بحق الأطفال خلال الثلاث سنوات الأخيرة إلى ‬30 جريمة، هي المسجلة في ملفات القضايا والبلاغات المعلنة، منها ‬11 حالة لأطفال تعرضوا لجرائم هتك عرض العام الجاري، أي خلال أربعة أشهر فقط، وهي القضايا التي تم الإبلاغ عنها دون القضايا والحوادث التي تعزف العائلات عن الإبلاغ عنها (خوفاً من الفضيحة)، فهل بقي من هذا النوع من الجرائم ما يمكن وصفه بالدخيل على مجتمع الإمارات؟ وحتى إن كان أكثر الفاعلين لهذه الجرائم من رعايا الدول الآسيوية والعمالة المنزلية، فإن ذلك لا ينفي حقيقة أن هؤلاء أصبحوا يمثلون جزءاً من نسيج مجتمعنا، بل أفراداً من عائلاتنا. البقاء في مربع تبرئة مجتمع الإمارات من هذه الجرائم وغيرها من الجرائم والقضايا الأخلاقية والاجتماعية، أو القول إن «هذه هي ضريبة التطور والتنمية» لم يعودا نافعين لإعطاء صورة ناصعة لمجتمع الإمارات، دون الاعتراف بحقيقة أن هذه الانحرافات تزداد ضغطاً على مجتمع الإمارات، وتزيد من فرص انتقال العدوى إلى شرائح من المواطنين، وتهدد استقرار وتماسك الأسرة في الإمارات، وهذا يقتضي المكاشفة والمزيد من الشفافية في بحث الأسباب ورفع سيف «متطلبات التنمية» عن الرقاب، ليكون الحوار مفتوحاً على كل الاتجاهات والأسباب التي تدفع باتجاه حدوث هذه «الجرائم الدخيلة».

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر