من المجالس

أفكر بـ «الإنجليزي»!

عادل محمد الراشد

«المشكلة أني أفكر بالإنجليزي»، الكلام ليس لكاتب هذا المقال طبعاً، بل هو لطالبة جامعية متميزة تستعد للتخرج في جامعة زايد. تلقت هذه الطالبة تعليمها العام في مدرسة خاصة قبل أن تلتحق بجامعة زايد، وخلال مرحلة التدريب الميداني في إحدى الدوائر الحكومية، وجدت نفسها مطالبة بكتابة تقارير وإعداد بحوث، فأباحت لمسؤولها بضعف مهارتها في اللغة العربية، لكنه طمأنها بوجود قسم متخصص في ترجمة التقارير، التي يكتبها ـ في الأغلب ـ موظفون وموظفات إماراتيون، تجمعهم مشكلة ضعف اللغة العربية مقارنة باللغة الإنجليزية، التي قضوا كل عمرهم الدراسي في تحصيلها، بعيداً عن لغتهم الأم.

لم تُخفِ هذه الشابة شعورها بالخجل، لضعف مقدرتها على التعبير والكتابة بلغتها الأم، على الرغم من قدراتها الفائقة في اللغة الإنجليزية، فلأنها تفكر بـ«الإنجليزي»، فالأسهل أن تكتب بالوسيلة التي تفكر بها، ولم تُخفِ امتعاضها من نفي للغة العربية، ليس في المخاطبات فقط، بل حتى خلال الاجتماعات الضيقة والموسعة، التي يكون الحضور فيها من «عيال البلاد»، في مشهد غريب كاريكاتيري «أكاد لا أصدقه»، على حد قولها.

هذا الإحساس بالضعف عبرت عنه فتاة أخرى، خلال لقاء إعلامي عقد قبل سنوات قليلة، قالت إنها تواجه صعوبة كبيرة في أداء عملها محررة في إحدى الصحف الصادرة بالعربية، لأنها تعلمت الصحافة بـ«الإنجليزي»، لتخاطب ـ بعد تخرجها ـ متلقياً عربياً!

أفكر بـ«الإنجليزي»، ببلاغة عميقة، لخصت تلك الطالبة المتميزة مشكلتها مع اللغة كوعاء للثقافة وطريقة للتفكير وأسلوب لحياة. وبقدر ما يعتقد الكثير من الناس دونية من لا يجيد اللغة الإنجليزية في هذا العصر، عبرت تلك الفتاة عن إحساس بالضعف والدونية، لعدم تمكنها من لغتها تفكيرا قبل أن يكون كتابة. وضع مختل يستدعي مراجعة عميقة وشاملة، تضع حلولاً بحجم المشكلة.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر