‬5 دقائق

التفكير السليم

د.عبدالله الكمالي

نقابل في حياتنا أشخاصاً لكل واحد منهم نظرته إلى الحياة ولما يجري حوله، فمن الناس من يكون تفكيره سليماً منطقياً إيجابياً، ومنهم من يكون تفكيره سلبياً تغلب عليه العاطفة التي لا ضابط لها، فقد يفكر بعضهم أو يقتنع ببعض الأفكار التي لو تأمل فيها جيداً لعلم أنه لم يسلك الطريقة السوية في التفكير، أو كانت الأفكار التي اقتنع بها تخالف الصواب، لذلك جاءنا الشرع الحنيف بقواعد ونصوص تنظم تفكير المسلم وسلوكه وأخلاقه ونظرته إلى الحياة، فعندما يحرم الإسلام علينا أن نلجأ إلى السحرة والكهان والدجالين، فلأن ذلك يخالف أوامر الإسلام بتحقيق العبودية لله الواحد القهار، ويخالف أيضاً التفكير السليم، فمن لا يملك لنفسه جلب منفعة أو دفع مضرة يا تُرى كيف سينفع غيره ؟! ومن يطلب من الناس مالاً زاعماً أنه سيصنع لهم أموراً تحميهم من الجن، لم لا يصنع لنفسه أموراً تدر عليه الربح الوفير؟! وعندما نتأمل في نصوص الكتاب والسنة نجدها تبين بوضوح وجلاء أن الخير كله بيد الله، وأن نعم الله على عبده لا تُعد ولا تحصى، وهذه النصوص تثمر في قلب العبد تواضعاً وخضوعاً لله سبحانه وتعالى، وعلى هذا فمن ظن أنه هو السبب في نشر الخير في المجتمع، وأنه لولا جهوده وجماعته وحزبه لكان المجتمع في ضلال مبين! فعليه أن يراجع نفسه وأن يعترف حقاً وصدقاً بأن الفضل كله بيد الله ويترك المنة على دين الله، وعندما نجد أوامر الإسلام التي تحث على سلامة الصدر وإحسان الظن بالآخرين، لابد أن نعلم أن تفكير بعض الناس أو الجماعات والأحزاب أن كل رد عليهم أو نصيحة مهما كان الخطأ فادحاً، إنما هي داخلة في الحسد والحقد وإسقاط الرموز والدعاة الشباب! فهذا خلل واضح جداً في التفكير يخالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة»، وعندما نجد أوامر الإسلام التي تحث على السمع والطاعة لولي الأمر وتحريم الخروج عليه، وخطورة إراقة الدماء وترويع الآمنين نعلم حقاً وصدقاً أن من فكّر بأن علاج الأخطاء الموجودة في أي مجتمع يكون بطرق غير منضبطة بضوابط الكتاب والسنة كان إفساده أكثر بكثير من إصلاحه، فالعاقل من يراعي المصلحة العامة ويقدمها على مصلحته الشخصية، ويعلم أن من التفكير السليم وجود علاقة طيبة وحسنة بين الحاكم والمحكوم، خصوصاً إذا كان الحاكم طيباً خيّراً، بل لو كان ظالماً باغياً فمن التفكير السليم ما سطره أئمة العلم: «إمام ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم»، ومن التفكير السليم تطبيق قول النبي عليه الصلاة والسلام: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه»، فالنصح العلني لولي الأمر، كما هو مشاهد في واقعنا لا يعالج الأخطاء، بل يقود إلى مفاسد عظيمة ومخالفات شرعية جسيمة.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر