كل يوم

السر في «إغراق المواطنين» بالقروض!

سامي الريامي

عندما نتحدث عن تجاوزات البنوك، ومحاولتها «إغراق المواطنين» بالقروض، فهذا الحديث ليس تحاملاً على أي من البنوك، بقدر ما هو إلقاء الضوء على ممارسات واقعية تثبتها الأرقام والمؤشرات الواضحة، وتطغى عليها رائحة الاستغلال بشكل واضح!

وبعد أن كشفت البيانات المالية لـ ‬19 بنكاً في الدولة عن ارتفاع معدلات مكافآت ومزايا أعضاء مجالس الإدارات، ورواتب كبار التنفيذيين فيها العام الماضي، لتصل إلى ‬687.9 مليون درهم، تثبت الأرقام اليوم أن هذه الأموال لم يحصل عليها هؤلاء نظير جهد وذكاء وأنشطة استثمارية وتجارية، بل نتيجة توريط المواطنين في القروض!

المواطن هو مصدر الربح لهذه البنوك، وعليه تتنافس جميعها لإدخاله في دائرة القروض، ومنه تحصل على الأرباح، وهذا ما تثبته الأرقام التي رصدتها «الإمارات اليوم» من واقع البيانات المالية لـ ‬19 بنكاً تجارياً في الدولة، منها ما هو إسلامي، ومنها ما هو تقليدي، إذ تشير الأرقام إلى أن هذه البنوك حصلت على صافي إيرادات من الفوائد، وإيرادات التمويل الإسلامي، المتأتية من قروض وسلفيات الأفراد، بعد خصم ما يقابلها من توزيعات فوائد على ودائع العملاء، بلغ ‬38.9 مليار درهم!

وتؤكد البيانات المالية أن صافي دخل الفوائد من إقراض الأفراد خلال ‬2012 ارتفع بنسبة ‬3.7٪، فسجل نهاية ديسمبر ‬38.9 مليار درهم، في مقابل ‬37.5 مليار درهم العام قبل الماضي ‬2011، بارتفاع قيمته ‬1.4 مليار درهم، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لحل مشكلة الديون المتعثرة للمواطنين!

هل لأحد أن يستوعب ذلك! فالأرقام تشير إلى صافي إيرادات تعادل ‬40 مليار درهم، في حين أن ميزانية الإمارات لعام ‬2013 بلغت ‬44.6 مليار درهم، وكل تلك الأموال والمليارات هي أرباح فوائد القروض، وإيرادات التمويل الإسلامي، بمعنى أصح، وبغض النظر عن المسميات، فإن كل ذلك من استقطاعات الرواتب الشهرية للمواطنين، بعد إغراقهم في الديون!

من هنا يبدو الأمر واضحاً، فلا غرابة أبداً من تنافس البنوك على «سرقة العملاء»، ولا عجب في أنها تتحايل على قرارات الدولة، وتضاعف مشكلة قروض المواطنين، بعد أن تغريهم بشراء مديونياتهم بقروض جديدة، ولفترات زمنية تصل إلى ‬23 عاماً، ووصول الاستقطاع الشهري إلى ‬90٪، فالعائد جراء ذلك مغرٍ للغاية، والأرباح خيالية لا تمكن مقاومتها، وليذهب المواطن وعائلته إلى الجحيم، ولتجاهد الدولة ومسؤولوها للبحث عن الحلول المناسبة له، كل ذلك غير مهم نظير ما هو أهم، والأهم هنا ‬40 مليار درهم!

هذه الإيرادات السهلة جعلت البنوك تركز نشاطها في الإقراض الشخصي، فهو يشكل أكثر من ‬64٪ من نشاطها، في حين تشكل بقية الأنشطة، مثل تمويلات استثمارية، وحصص في شركات، أو دخل متأتٍ من أوراق مالية مملوكة، بجانب دخلها من الرسوم والعمولات، نسبة ‬36٪!

نظرية البنوك السائدة الآن هي «تمويل شركة واحدة بـ‬100 مليون يحتوي على مخاطر عالية، لكن إقراض ‬100 مواطن المبلغ نفسه مضمون النتائج»، ووفقاً لذلك فلتتنافس البنوك، وليبحث المواطن عن حل لدى صندوق الديون المتعثرة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر