‬5 دقائق

إلى تجّارنا الكرام

د.عبدالله الكمالي

حثنا ديننا الحنيف على التعاون ومساعدة الآخرين، فكلنا يحفظ قول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وبعض الناس -فتح الله ووسع عليهم- المال عندهم وفير، فهم من التجار الأغنياء، وهذا كله بتوفيق الله وفضله وفي الحديث الصحيح: «نعم المال الصالح للمرء الصالح»، وواجب المسلم تجاه نعم الله عليه أن يبادر بحمد الله عليها وشكره على أفضاله، وشكر نعمة المال لا يكون باللسان وحده، وإنما يكون أيضاً بالبذل والعطاء، وقد وجد الناس أن صاحب البذل والصدقة والكرم يُبارك الله له في ماله، فلا ينبغي لأحد من تجارنا الكرام أن يلبس عليه الشيطان إن أراد الصدقة بأن ماله سينقص، بل عليه أن يتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا»، لذلك أدعو تجارنا الكرام إلى بذل المال والصدقة بشكل عام وفي المشروعات المجتمعية بشكل خاص، فبعض المشروعات التي يعم نفعها الجميع لابد من التعاون والتكاتف فيها بين المؤسسات الحكومية وتجارنا الكرام، فلو قام بعض تجارنا بعمل وقف خاص لصندوق الزواج، فيتم من خلاله تزويج الشباب ومساعدتهم على إعفاف أنفسهم وتكوين الأسرة الطيبة ففي ذلك خير عظيم، ولو قام بعض تجارنا بالتعاقد مع مشروعات الإسكان لبناء منازل توزع مجاناً على غير المستطيعين ففي ذلك أيضاً أجر عظيم إن شاء الله، ولو قام أيضاً بعض تجارنا بشراء الأجهزة الطبية وبناء العيادات والمستشفيات والمساجد وغيرها في مختلف مناطق الدولة فإن هذه المشروعات سينتفع منها عدد غير محدود من الناس وستكون وقفاً على صاحبها يتمتع بأجرها في حياته وبعد موته إن شاء الله.

إن تجارنا الكرام فيهم خير عظيم فينبغي علينا تذكيرهم بأهمية التفكير في الاستثمار الحقيقي ألا وهو الاستثمار فيما ينفع في الآخرة، فهذه هي الحياة الحقيقية التي يجب علينا أن نستعد لها، ولو تأملنا في التاريخ الإسلامي في بعض الأعمال الخيرية التي قام بها التجار لرأينا العجب العجاب، فمن أعظم النماذج على ذلك صنيع الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد كان غنياً شديد الكرم والسخاء ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فقال عنه عليه الصلاة والسلام بعد أن تصدق عثمان بالصدقة العظيمة: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم»، ولو تأملنا في صنيع زبيدة زوجة هارون الرشيد وكيف أوقفت الأوقاف العظيمة، وأنفقت الدراهم الكثيرة لتيسير الحج على الناس، فبعض أعمالها الخيرية لاتزال موجودة إلى زماننا هذا، فجزاها الله على أعمالها كل خير.

وأذكر تجارنا الكرام بأن من الحرمان العظيم أن يكون التاجر الغني شحيحاً بخيلاً لا يفكر في نهضة بلده ولا يفكر في نفع الناس، فالموفق من كانت له حسنات جارية لا تنقطع بموته إن شاء الله، فهلا بادر تجارنا الكرام إلى المساهمة في تنمية البلاد ونفع العباد!

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر