من المجالس

أسواقنا الشعبية في «الحصن»

عادل محمد الراشد

في مهرجان قصر الحصن تتمدد الذاكرة في ماضي عاصمة الاتحاد ليس بعيداً إلى ذلك المجد التليد الذي صارع الجغرافيا، وصرع قسوة الحياة وشظف العيش، وأقام مكاناً صار بعد ذلك رمزاً للحصانة، وعنواناً للقوة والنهوض. تعود الذاكرة قريباً لتلامس عقوداً قليلة مضت، كان فيها للماضي علامات ولنمط الحياة صور وإشارات.

في مهرجان قصر الحصن تسجل الأسواق الشعبية حضوراً لافتاً جذب القلوب قبل الجيوب، لا لبضاعتها المزجاة ولا لسعفها وطينها الذي أنشئت به، بل لمحاكاتها وجهاً مهماً من وجوه الحياة في ذلك الزمن الجميل، صار اليوم مفقوداً في زحمة صوامع الإسمنت والزجاج التي تناطح السحاب، وتزاحم أشعة الشمس، و«المولات» التي تبدو كالمدن التجارية المغلقة والمكيفة ذات الاستخدامات المتعددة، فالعاصمة بعد السوق المركزي وسوق الخضراوات والفواكه، اللذين جرفتهما آلة «التطوير العقاري»، فقدت أهم أركان تلك الأسواق ذات الروائح القديمة، والمظاهر الشاهدة على تعاقب فصول الزمن، ولم تعوضها تلك الأسواق العشوائية التي انزوت محالها تحت البنايات، وبدت كأنها أماكن تجمع لبعض الجاليات، بكل ما تحمل من صور ومشاهد اختلطت فيها البضائع المقلدة، وفاحت منها روائح لا صلة لها بعبق «الدخون» ولا بجاذبية التوابل.

الأسواق الشعبية عنوان مهم يبحث عنه الزوار والسائحون، وملتقى لا يستغني عنه الساكنون في أي بلد، وعاصمتنا الزاهية البهية صارت تفتقد هذه التفاصيل المهمة التي لا تكتمل الصورة من دونها، وما ذهب لن يعود، لكن لايزال في المكان متسع لإنشاء المزيد من الأسواق الشعبية بروحها قبل بنيانها، وببساطة لا تكلف فيها، تعيدها إلى مربع السوق المركزي البديل الذي ولد مشوهاً، فلم يستطع أن يكون «مولاً» كسائر المولات، ولا سوقاً شعبياً كالذي كان، ولذلك بقي خارج إطار الصورة.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر