من المجالس

ممكن إنجليش؟

عادل محمد الراشد

ألقت التحية عبر الهاتف بلهجة محلية لا يخطئها السامع، ثم أردفت قائلة «ممكن إنجليش؟»، وبالعفوية نفسها عاجلها الرد بسؤال حمل استغراباً «ألست مواطنة إماراتية؟». وبنبرة خجل ردت بالإيجاب «ولكن لزوم الشغل والسهولة في التواصل»، فكان لابد من الإجابة بـ«لا طبعاً»، مع إضافة القليل من المواعظ حول الاعتزاز بالهوية والتمسك بلغة هذه الهوية، والذهاب أبعد إلى المستقبل والتذكير بأمهات المستقبل ودورهن في تنشئة أجيال المستقبل على التمسك بهويتهم الوطنية والعض على ثوابت دينهم حتى كادت البنت تنسى الموضوع الذي أوكلتها جهة عملها للاتصال من أجله.

تلك كانت أنموذجاً لفتاة من بناتنا اللاتي يتخرجن في جامعاتنا وكلياتنا الوطنية، ثم يلتحقن بالعمل في جهات لم يعد الفرق بينها كبيراً في قرض اللسان، وتبديل لغة الخطاب الرسمي والشخصي، بنبذ اللغة العربية تحت طائلة تسهيل التواصل وتوحيد اللسان. وعمَّق هذا التوجه دخول الكثير من الأجانب في قطاع الأعمال الحكومي وشبه الحكومي، وفي مواقع وظيفية عالية، فرضت اللغة الإنجليزية بديلاً مشتركاً ليس في التخاطب مع هؤلاء الأجانب فقط، بل تعدتها إلى حالة أشبه بالرسم الكاريكاتوري عندما صارت لغة تواصل ومراسلة رسمية بين مواطني الدولة، ولسان خطاب أوحد في الاجتماعات واللقاءات الضيقة والموسعة.

كان من الممكن نشر اللغة العربية وتوسيع استخدامها لتشمل غير الناطقين بها لو فكرت تلك الجهات في جعلها من شروط الحفاظ على الوظيفة والترقي على سلمها، مع توفير الوسائل والبرامج الكفيلة بذلك، لكن الواضح أن القائمين على أمر تلك الجهات غير معنيين بإضافة مهمة يرونها غير مهمة إلى بقية مهامهم، مادامت الأمور كلها تعمل على رمي العوائق في طريق اللغة العربية.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر