أبواب

ملتقى النحت.. تعميم الجمال

علي العامري

خطوة مبهجة ومهمة في الوقت نفسه، أن يتأسس ملتقى سنوي للنحت في دبي، الذي بدأ قبل تسعة أيام، هذه الخطوة مهمة من أكثر من ناحية، إذ إنها تقام في دبي، المدينة التي تلتقي فيها الثقافات، والتي نقشت اسمها مدينة عالمية بكل امتياز، تؤاخي بين التراث والحداثة، ولا تتوقف عن اجتراح أفكار جديدة، تعزز صورتها التي تجمع بين التقدم التقني والمعماري والسياحي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي. وأصبح اسم المدينة علامة على التخطيط بعيد المدى والعمل الدؤوب، حتى سطرت اسمها نجمة الأعالي بإنشاء برج خليفة، الأعلى في العالم، علاوة على كثير من الأيقونات المعمارية.

وفي الجانب الثقافي والفني، يقام في دبي ملتقيات للفن التشكيلي، وعلى رأسها «فن دبي»، علاوة على مهرجانات السينما والمسرح، والآن يعود النحت مجدداً إلى المدينة، ليكمل جانباً من صورتها.

هنا في ساحة ندوة الثقافة والعلوم، يجتمع ‬13 فناناً، ليجسدوا «روح دبي» عبر منحوتاتهم التي تولد وتتشكل بين أيديهم. في تلك الساحة حجارة ضخمة وأزاميل ورؤى، إنها ورشة لإخراج الأشكال من كتلة الحجر. وفي كل حجر عدد غير محدود من الأشكال، وكل فنان «يصطاد» الشكل الذي يبحث عنه.

أهمية ملتقى النحت تتمثل أيضاً، في حوار الفنانين مع بعضهم بعضاً، والتعرف إلى تجاربهم، إضافة إلى الحوار المتبادل بين الفنان والحجر.

وكون الملتقى الآن في دورته الأولى فمن المتوقع أن تتوسع دائرة المشاركين، لتشمل فنانين عرباً وأجانب، ما يثري الملتقى والمشهد النحتي في المدينة.

الملتقى الذي يستمر ‬18 يوماً، تتجلى أهميته، أيضاً، بعد اختتام فعالياته، إذ إن تلك الأعمال النحتية الكبيرة سيتم توزيعها لتقف في ساحات وميادين دبي، لتكون المنحوتات شواهد في الهواء الطلق على روح المدينة التي تؤكد كل يوم إعلاء قيمة التعايش بين الشعوب، كما تؤكد فاعلية التعددية الثقافية، وأهميتها في صياغة مستقبل البشر.

إن انتشار الأعمال الفنية في الساحات والمعالم والحدائق والميادين وعند مداخل الأبراج العمرانية، ليس مجرد «زينة» وليس مجرد «ديكور» خارجي، إنما تمثل تلك المنحوتات قيمة جمالية تضفى على المكان، وقيمة ثقافية ومعرفية أيضاً.

في الملتقى يستخرج الفنانون الجمال من الحجر الأبكم، فينطق جمالياً بين أيديهم، وفق إيقاعات الطرق بالأزاميل، كما لو أنهم يفتشون في قلب الحجر عن طراوة الضوء، إذ إن تلك المنحوتات تعزز روح المكان، كما أنها ستخلق حوارات مع الأهالي والزائرين، فهي أبجدية حجرية يشعشع فيها الجمال.

إن القيم الجمالية جزء أساسي في روح المدينة، ففي معظم المباني يجد الزائر لوحات فنية، علاوة على اختيار منحوتات لفنانين عالميين في منطقة برج خليفة، ومن بينها تمثال «الحصان» للفنان فرناندو بوتيرو، وتمثال «السدرة» للفنان الكويتي سامي محمد، الذي يحل «ضيف شرف» في الدورة الأولى لملتقى نحت دبي، إضافة إلى تمثال «معاً» للفنان لطفي الرمحين.

ويأتي ملتقى النحت ليعزز انتشار الأعمال الفنية في المدينة، وتعزيز الحوار بين الأهالي وتلك الأعمال، بما تتضمنه من أبعاد جمالية وثقافية، ولاتزال ساحات وميادين وأبراج وبنايات تنتظر روح الفن لتزيدها جمالاً، وتزيدها بهاء، فالجمال روح تضيء البشر والحجر.

شكراً لندوة الثقافة، شكراً للجنة تنظيم ملتقى النحت، شكراً للفنانين، على تعميم الجمال.

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر