أبواب

‬36 سنة برليناله

قيس الزبيدي

يؤكد سكرتير الدولة الألماني، بيورن بونينغ، أنّ مهرجان برلين ليس ذا طبيعة ثقافية فقط، إنما له طبيعة اقتصادية أيضاً، ففي السنة الماضية مثلاً حضر إلى برلين نحو ‬100 ألف مشارك ألماني وأوروبي بمناسبة انعقاد البرليناله، ووصل مردود إقامتهم في الفنادق إلى نحو ‬66 مليون يورو، وتشكل ميزانية المهرجان نحو ‬21 مليون يورو، يسهم «الاتحاد» الألماني فيها بستة ملايين ونصف المليون يورو، وتأتي أيضاً مبيعات ‬300 ألف بطاقة دخول للأفلام في فترة انعقاده، التي يتجاوز عددها ‬400 فيلم، منها ‬19 فيلماً يتم اختيارها في المسابقة الرسمية، كما تقدم شركات ألمانية كبيرة دعمها المالي لميزانيته.

في مقدمة كاتالوغ مهرجان البرليناله ‬2013 يبين مدير المهرجان، ديتير كوسسليك، أن تأثير الجشع الذي قاد إلى الأزمة الاقتصادية الحالية، وانعكست نتائجه الخطرة على أفقر الفقراء، ليس فقط في إفريقيا البعيدة وآسيا وأميركا اللاتينية، إنما أيضاً في داخل أوروبا، هو موضوع أفلام المهرجان الكثيرة.

وفي مقابلة طويلة يبين المخرج الصيني ونغ كار واي: كنت صبياً وقت أنْ شاهدت بداية السبعينات أفلام بروس لي الذي كان ينفذ كممثل معارك الكونغ فو شخصياً مع خصومه، من دون أي خدع سينمائية، كما أنه لم يلتزم بأسلوب واحد في تنفيذ معاركه ضد خصومه، كانت أفلامه بسيطة ومباشرة وعنيفة، لكنها عبرت كلها عن موقف فلسفي، لأنها كانت معارك دفاع عن النفس وليست شريرة. ومن ناحيتي فأنا لم أتأثر فقط بأفلام الموجة الجديدة، إنما أيضاً بأفلام بروس، وأردت في فيلم «المعلم الكبير» أن أصنع فيلماً يمجده، بالنسبة لي أرى أن الــ«ماذا» والــ«كيف» لا ينفصلان، ولا يهمني بالتالي كيف يمكن صنع الفيلم، المهم أن يصنع فيزياويا.

يعرض «المعلم الكبير» في برنامج أفلام المسابقة الرسمية، لكن خارجها، واختير ليعرض في حفل افتتاح المهرجان، ومخرجه يترأس لجنة التحكيم، ويعد واحداً من المخرجين المهمين في السينما العالمية، وقد سبق أن نال جوائز عديدة في مهرجانات دولية، واستطاع بأسلوبه الإخراجي الذاتي غير المألوف أن يؤثر في مخرجين كثيرين، ما جعل منه شخصية معبودة، وقد نال فيلمه «سعداء سوية» جائزة الإخراج في مهرجان كان في عام ‬1997.

الفيلم ملحمة تاريخية يتبوأ فيها الكونغ فو الموضوع الرئيس بالعلاقة مع الشخصيات التاريخية التي كانت تدير لعبة الكونغ فو في الصين خلال عقدين من الزمن، ويبدو من سرد قصص معلم الكونغ، فو غونغ يوتيان، وتلميذه العظيم غب مان، في منطقة فوشان، وهي مدينة جنوبية في الصين، وصراع الشمال معها، ومنافسته لها في هذه اللعبة.

قيمة الفيلم لا تأتي من حكايته التاريخية الميلودرامية، إنما من قيمته الفنية التالية في أسلوب تقديم لعبة الكونغ فو في كيريوغرافيه جمالية إيقاعية، لدرجة تقدم فيها المعارك كما في مسرحية باليه فيلمية. الفيلم يعاني تطويلاً واضحاً، أصله في الصيني أربع ساعات، وفي نسخته الصينية/الإنجليزية أكثر من ساعتين، وهناك من يرى أنَّ على المخرج أن يعود إلى غرفة المونتاج ليعيد مونتاج فيلمه، وقد سبق للمخرج أن أعاد النظر في مونتاج فيلمه «رماد الزمن»، ولم يأخذ مونتاج الفيلم منه سوى أربعة عشر عاماً فقط!

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر