في الحدث

«الخلاص» في «وثيقة الأزهر»

جعفر محمد أحمد

الاتفاق الذي تم قبل يومين في مشيخة الأزهر الشريف على تشكيل لجنة تمثل جميع القوى السياسية المصرية والأزهر والكنيسة وشباب الثورة، لوضع أسس الحوار الوطني الجاد والناجح، والذي يؤدي إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وأيضاً الاتفاق على وثيقة جديدة لنبذ العنف، هو الطريق الصحيح للخروج من الأزمة السياسية الراهنة في مصر، لا بالاعتصام والتظاهرات والمسيرات التي دعت إليها القوى الثورية، وخرجت، أمس، في «جمعة الخلاص»، للتأكيد على استكمال مطالب الثورة.

إن الالتزام من قبل جميع القوى السياسية والأفراد باحترام حق الإنسان المصري في الحياة الكريمة الآمنة، والتأكيد على حرمة الدماء والممتلكات العامة والخاصة، والتزام الدولة ومؤسساتها الأمنية بحماية أمن المواطنين، في إطار احترام القانون وحقوق الإنسان، والالتزام بأسلوب الحوار الجاد، وترسيخ ثقافة وأدب الاختلاف واحترام الرأي الآخر، والبحث عن التوافق، هي السبيل إلى الوصول الى الهدف المنشود الذي قامت من أجله الثورة لصالح مصر أولاً واخيراً، لا لمصلحة جهة حزبية أو فئوية، فالوطن فوق الجميع.

لا حل للمشكلات التي طغت، اخيراً، وشابت مسيرة الثورة المصرية والتحول الديمقراطي بعد عقود من حكم الفرد، إلا بالحوار غير المشروط مسبقاً، وجلوس كل مكونات المجتمع المصري دون أي إقصاء، والبحث بنية صادقة لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد، بعيداً عن الخلافات السياسية وكيل الاتهامات.

مصر الآن أصبحت على المحك، ولابد من حوار وطني حقيقي للخروج من الأزمة الراهنة، يستند الى وثيقة الأزهر الشريف، خصوصاً بعد ان ظهرت في الآونة الاخيرة، جماعات شبابية لم تكن معروفة من قبل لدى الشارع المصري أو لم يعرف عنها الكثير، لكنها لعبت دوراً مهماً في تنظيم الاحتجاجات التي شهدتها مصر في ذكرى ثورة ‬25 يناير، من بين هذه الجماعات «الألتراس الأهلاوي»، وهم من الشباب المتحمسين المشجعين لنادي الأهلي لكرة القدم، حيث قاموا أخيراً، بقطع خطوط المواصلات من قطارات ومترو وطرق برية في القاهرة ومحافظات عدة، احتجاجاً على ما وصفوه بتقاعس السلطات في القصاص، فيما عرف بـ«مجزرة بورسعيد»، في فبراير من العام الماضي، وما جرته من تبعات بلغت ذروتها في احداث الشغب الدامية التي هزت مصر خلال الأيام الماضية.

على غرار الألتراس، برزت جماعات جديدة من الشباب شاركت خلال الفترة الماضية في احتجاجات الشارع، أبرزها جماعة «بلاك بلوك» أو الكتلة السوداء، وظهرت في الاحتجاجات الأخيرة بزيها الأسود والأقنعة التي يرتديها أعضاؤها، الأمر الذي دفع النيابة العامة إلى إصدار أمر بضبط وإحضار جميع عناصرها، على اعتبار انها جماعة منظمة تمارس اعمالاً إرهابية يندرج تشكيلها ومن ينضمون إليها من عناصر تحت طائلة العقاب، لارتكابهم اعمالاً تخريبية وترويعاً، وهو ما تنفيه الجماعة، وترد بأنها تمثل الثوار الحقيقيين، وأنها ليست صنيعة لجهات خارجية، بل خرجت من صفوف الشعب المصري.

الحوار الوطني كما اكد شيخ الأزهر، الأمام أحمد الطيب، هو الوسيلة السليمة لصيانة كل قطرة دماء مصرية، وهو واجب ديني ووطني وإنساني، يطلب من القوى السياسية كافة، سواء في الحكم أو المعارضة، الاستجابة وتقديم التنازلات، لا العوائق والشروط، هناك نزيف دم يسيل، وعنف مستمر، ومصر «المحروسة»

بحاجة ماسة الى التوافق والحلول العملية لإنهاء الأزمة من أجل مصلحة الوطن لا مصالح حزب أو جماعة بعينها.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر