أبواب

مرحباً ‬2013

علي العامري

ليوم بدأ عام جديد، ومع إطلالته تطل الأماني والأحلام والذكريات أيضاً، كما يرافق ذلك، عادة، هجاء للعام الماضي ومديح مرتاب للعام الجديد، لكنني لن أدخل قائمة الهجائين ولا المداحين لعام رحل وآخر بدأ بعد منتصف الليل، إذ إن الحياة تتواصل، بمرارتها وحلاوتها، وكما نقش أجدادنا الأندلسيون على جدران قصر الحمراء عبارة «الغبطة المتواصلة» مكررة على طول جدار، كما أخبرني الصديق الشاعر طاهر رياض، أثناء زيارته تلك الغرناطة، رمانة التاريخ العربي في إسبانيا، إذ شده النقش بتداخل حروفه وزخرفته، ووقف يمعن النظر في التفاصيل حتى فك النقش، وكانت الدهشة متواصلة أيضاً منذ تلك اللحظة. وهكذا تتواصل البهجة، ويتواصل القبر، وتتواصل البسمة، وتتواصل الدمعة، في جديلة واحدة هي عمر الإنسان.

وكما اقترن الموت بالحياة، اقترن الحب بالحياة أيضاً، حتى أن القبر وزهرة الصباح قرينان منذ البدء، وكم من الأساطير ارتبطت بالحب والغياب، بالصباح والمحو.

نعم، تتواصل الغبطة، ويتواصل الرمس، ففي عام ‬2012 ولد أطفال، ويُتّم أطفال، كتبت قصائد ومات شعراء، نقشت حياة ونقشت قبور، لكن كبرت أحلام بالحرية على الرغم من تراكم عتمة الجلاد فوق القرى والمدن، ولايزال الشعب السوري يواصل نقش حريته شهيداً شهيداً، ويتيماً يتيماً، وأرملة أرملة، ومعتقلاً معتقلاً، ومهجراً مهجراً. ولم يتوقف الحلم بالحرية منذ ‬15 مارس ‬2011، وعلى الرغم من حجم التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب، فإنه لم يتراجع لحظة واحدة عن حلمه الكبير بالانعتاق من قيد الظلم، وأصبحت سورية الآن قاب قوسين من صباح جديد وشمس جديدة وقمر جديد.

العام الماضي حمل في صرته فرحاً وحزناً، لكن الأمل متواصل، بإنجازات إنسانية كبرى، تحقق إنسانية الانسان، وتترجم البهجة في كل اللغات، فهناك أحلام بأدوية جديدة لأمراض أنهكت الأرض ومن عليها، وهناك آفاق باكتشافات جديدة من أجل البشر، وأحلام صغيرة أيضاً يرعاها إنسان في جبل أو سهل أو وادٍ أو صحراء أو في عباب الموج، هناك أحلام تتفتح الآن، مثل زهرة الصبح، وهناك قصائد حب تضيء القلوب والأبجدية، وهناك حقل يزهر في قمة يأس، وطائر يرفرف في زرقة مشرقة، وهناك طفلة تكتب الحرف الأول من اسمها في دفتر الكتابة، وهناك مريض يعافى، وقلب يبتهج بالشموس الجديدة التي تفيض محبة في الجهات كلها.

ومع العام الجديد، تتجدد الأحلام الصغيرة والكبيرة على هذا الكوكب، ويزهر الأمل الجديد بحياة أكثر بهجة وأكثر أقماراً وأكثر إنسانية.

عام جديد للأمهات اللواتي يبدعن الحياة، وينقشنها بموسيقى قلوبهن الطيبة، ويطرزن أحلام أطفالهن ضوءاً ضوءاً.

عام جديد لغيم يجوب الأزرق، ليهطل غبطة متواصلة على القلوب، عام جديد لقصائد العشق، وزهر البراري، وسرير المولود الجديد.

عام جديد لأمل يتجدد، بعودة الغائبين إلى بيوتهم، وعودة الربيع إلى القلوب، وعودة المعاني إلى النهار.

وداعاً 2012.

مرحباً 2013.

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر