5 دقائق

أبحث عن أعياد تشبهنا!

ميره القاسم

يا ليلة العيد آنستينا، وجدّدت الأمل فينا.. يا ليلة العيد.. في ذاكرة الطفولة معلقة تلك الأغنية ما بين الأمنية والفرح.. لم يكن للعيد بهجة إلا بها وصوت أم كلثوم يصدح في أرجاء منزلنا الصغير يلوّن الأبواب بابتسامة أمي وهدايا أبي المغلّفة بالحب، وعيدية تذهب لصناديق الدكاكين المتناثرة في الفريج، واليوم أبحث عن صوت أم كلثوم في كل اتجاه فلم أعد أسمع تلك الأغنية كثيراً، وحلت بدلاً منها أغنيات باهتة.. الأكيد أنها تفرح أطفالي.. لكنني أحاول جاهدة تمرير صوت يا ليلة العيد لهم كي تَعْلَق بذاكرتهم أعياد تشبهنا.

أكتب مقالي وكانت لي أمنية السفر إلى مصر، بعد أن لم يقدّر لي الله الذهاب إلى الحج.. حتى مصر لم تعد كما كانت، وحده العيد فيها ظل محتفظاً بلونه كلوحة عتيقة أخاذة، وصوت مآذنها التي تكبّر وتهللّ طوال فترة أيام العيد.. لم يكن للحجوزات دخل في الامتناع عن قضاء إجازة العيد هناك، ولكنها امتحانات أولادي التي ستبدأ بعد العيد مباشرة، بل وإلزامهم بامتحانات يؤدونها قبل وقفة عرفات التي تصادف اليوم، عدا الطلبات التي التزمت بها وأمهات أخريات من مدارس مختلفة ــ وما أكثر طلبات المدارس ــ وأحدثها شراء «ملابس إحرام» ليؤدوا بها حجاً وهمياً، وتعليمهم الطواف حول نموذج للكعبة المشرفة وهم يرددون «لبّيك اللهم لبّيك»، ونحن بكل سذاجة نصوّرهم بهواتفنا للذكرى، وهم يطوفون ويلوّحون بأيديهم الصغيرة تماماً كما يفعل الحجاج في التلفزيون كلما التفتت الكاميرا باتجاههم!

أيتها المدارس أليس من الأجدى استضافة بعض شيوخنا الأجلاء ليحاضروا بعلم مبسط مستعينين ببعض الوسائط الإلكترونية المدعمّة بصور وأفلام كرتونية، التي حتماً ستلفت نظرهم وتحرضهم على وهج الأسئلة؟! ألسنا في عصر التكنولوجيا؟! «والله يا خوفي باجر يطلبون ذبيحة» بحجة تعليمهم كيفية ذبح الأضحية! ومع ذلك سنقضي العيد هنا بين كتب أطفالي وتحضير «البروجكتات» المطلوب تسليمها بعد العيد.. وأهلاً بالعيد.

ألا يكفي غياب بهجة العيد التي كنّا نتلمّسها في السابق وأخذت في التلاشي رويداً رويداً لتحبسونا وأطفالنا بين سياج الكتب؟!

مازلت أبحث عن لحظة فرح أرسمها لأطفالي في هذا العيد.. لحظة فرح بعيدة عن أجواء المذاكرة.. قريبة من لحظة فرح منسي.. وألوان ألعابهم، وضحكاتهم.. وجدائل من ريحان تدلّت لليلة عيد.

مازلت أبحث عن صوت أم كلثوم.. و«سرسبة» ألوان فرح أعلّقها في سماء أطفالي.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر