أبواب

إشكالية النقد السينمائي المغربي

قيس الزبيدي

«الممارســة النقـدية هي بالأساس دراسة تحليلية ترتكز على منهجية معينة» مولاي إدريس الجعيدي

يشكّل كتاب «أسئلة النقد السينمائي المغربي»، الصادر عن نادي إيموزار للسينما عام ،2009 وثيقة ترصد محتوى أشغال ندوة، سبق للنادي أن نظمها، حول تحديد ماهية النقد، ومدى تجانس ممارسته لدى النقاد المغاربة، ومعناه، ومدى تطور مشروعيته، كذلك شكّل موضوعه اللقاء المنظم في إطار فعاليات الدورة الـ13 لمهرجان السينما الإفريقية في بخريبكة في يوليو .2010

يحتوي الكتاب على مداخلات النقاد السينمائيين: مولاي إدريس الجعايدي «الكتابة النقدية ـ تحديد المفهوم»، وأحمد سيجلماسي «ملاحظات وتساؤلات حول النقد السينمائي المغربي»، ومحمد اشويكة «النقد السينمائي بالمغرب في حاجة إلى نقد النقد»، ومحمد البوعيادي «تأملات حول سؤال النقد السينمائي المغربي»، وحميد اتباتو «النظرية في الممارسة النقدية السينمائية ـ كتابة الجعيدي نموذجاً».

ولد النقد الحقيقي على يد كتّاب نشروا كتاباتهم الأولى في منابر ناطقة بالفرنسية، وكان له ارتباط وثيق بحركة الأندية السينمائية التي انطلقت على يد الفرنسيين، قبل أن تتمغرب في السبعينات من القرن الماضي، ومع أن لغة المستعمر الفرنسية كانت اللغة السائدة في كتابة النقد السينمائي، إلا أن النقد واظب على ولائه حتى في مرحلة ما بعد الاستعمار، حيث استمر طغيان اللغة الفرنسية على الكتابات.

ليس من السهل العودة الى مصادر النقد السينمائي في غياب تجميع نصوصه المكتوبة والمنشورة على امتداد ما يقارب نصف قرن، إذ إنه تَبلّوَر في بدايته الحديثة، شفهياً، داخل الأندية السينمائية التي نشأت من خلال ضرورتها الاجتماعية والثقافية.

ومازلنا نجد اليوم أن النقاد لا يمارسون النقد مهنةً، بل يمارسونه من باب حب السينما، خصوصاً أن أغلبهم جاء من أصول علمية وأكاديمية متفرقة، وبدأت ممارسته النقد هوايةً بتأثير لواء الجامعة الوطنية للأندية السينمائية وجمعية نقاد السينما، وانطلاقاً من وعيه بأهمية النقد السينمائي، وفعالية قيمته في المجالات الاجتماعية والثقافية والإبداعية.

يصنف الناقد محمد اشويكة، مسار النقد وخطابه الى أصناف أربعة: نقد سينمائي صحافي، يتسم بطابع إخباري سريع. وأكاديمي، معرفي علمي متنوع ينتجه باحثون وأساتذة ومستواه النظري يرجع الى تأثره بالنظريات والأجناس الأدبية الطاغية، ومن ينتجه لا يتمتع بخبرة مهنية. وشفهي تقنيوي ينتج خلال التظاهرات والمهرجانات وفي بعض الأندية السينمائية. وإلكتروني انطباعي، يتسم بالإنشائية وبجمع المعلومات من هنا وهناك.

رغم أن النقد، حسب النقاد أنفسهم، مازال يتأرجح بين الهواية والاحتراف، ورغم أنه على مستوى الكم لايزال ضئيلاً، غير أن أغلبه يظل «رائداً على مستوى الكيف»، بفضل انفتاحه على مناهج ومدارس وتيارات فكرية حديثة، ومن هنا أيضاً يأتي القلق المنهجي في البحث عن وضوح أدوات الممارسة النقدية ومفاهيمه ذاتها، فلا يكفي أن يكون المنهج جيداً، إنما المهم أن يطبّق تطبيقاً حسناً. لعل هذه الإشكالية هي سبب تراجع مواكبة الأفلام النقدية، فمع الازدياد الملحوظ في مستوى الإنتاج الوطني: «في العشرية الأخيرة 1999 ــ ،2009 تميز بزيادة ملحوظة في عدد الأفلام المنتجة، إذ أصبح المغرب ينتج سنوياً أكثر من 10 أفلام طويلة، ونحو 150 فيلماً قصيراً ومتوسطاً»، إلا أن المواكبة النقدية للأفلام تراجعت بالقياس الى عدد الأفلام المحدود، التي كان المغرب ينتجها، بينما كانت المواكبة النقدية لها، حينئذٍ، تفوق حجم الإنتاج المحدود بكثير!

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر