5 دقائق

«مُبْ سايرين عرس»!

ميره القاسم

الموت.. أو الفقد يسرب لنا حزناً فارعاً.. يغادر البعض إلى السماء.. نتدثر بالسواد، ونصقل ذكرى الراحلين، نتعثر بالارتباك.. ينهمر حزن خاشع، وتذهب نفس من رحل راضية مر ضية، مطمئنة.. إلا من بعض مشاهد

من جئن لتقديم العزاء، فحدّث ولا تكترث.

احترام حزن الآخرين، خصوصاً في مجالس العزاء له طقوس خاصة تختلف من بلد إلى بلد، ونشترك جميعنا في احترام حزن عائلة المتوفى، فنحرص كل الحرص على أن نكون ملتزمين في هيئتنا، وحذرين على ألاّ يفلت تعبير قد يوحي بأي شيء غير التأثر، نبتعد عن البهرجة في الملبس، والطبيعي أن النساء «ما يحطن ميكب ثرهم مب سايرين عرس!».

ما شاهدتهأ في مجلس عزاء صديقة فقدت ابنها كان مستفزاً للغاية، فبعض المعزيات اللواتي دخلن لمواساتها كانت أشكالهن تثير الاشمئزاز، كثيرات بدين كأنهن آتيات للتو من الصالون، فطريقة تسريحة شعورهن وعباءتهن المطرزّة بشتى الأشكال، عداك عن ألوان قوس قزح التي لا تتناسب والمكان المغرق في الحزن، وأخريات أتين بأحذية تلمع بفعل الكريستالات، وأظافر مطلية باللون الأصفر الفاقع، أما العيونأ فتغطيها ألوان الظلال اللامعة و«عادي تيي وحدة حاطة ديرم»، عدا العطور التي تفوح منهن، وحقائب ومجوهرات كأنهن ذاهبات إلى حفلة صاخبة.

يأتين وحتى كلمة «عظم الله أجرك» لا يقلنها، بل لا نسمعها، فقط يصافحن باليد والابتسامة «شاقة الويه» لم يعدن يعرفن «السنع» من العادات والتقاليد والعرف والمذهب!

ما سبق لم يكن مستغرباً في وقتنا الحاضر، خصوصاً عندما قرأت إعلاناً في إحدى الصحف الخليجية يقول «متخصصات في عمل ميكب للعزاء!».

هكذا اختلطت كل الأمور ببعضها، يأتين فقط لتسجيل الحضور ولا بأس أن تصطاد «معرس»، من خلال أم أو أخت ستراها في العزاء.

«شفتوا فلانة شْجايل وييها من غير مكب؟! خس الله الشيفة»، وأخرى تسرد «يحليله روّح صغير من وين ياه القلب، نغصت عليه حرمته، حسبي الله ونعم الوكيل»، وغيرها من النميمةأ التي تكثر في مجالس كهذه.. «عباتج وين مفصلتنها غناتي؟»، وأحاديث تبتعد عن آداب المناسبة، وتبقى ابتهالات الأحبة وأدعيتهم المتصاعدة بخورا، تحيطأ بولدهم لتشفع له،أ وأمنية أنأ يغسل بالماء والثلج والبرد. يحضرني قول الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- «كفـى بالمـوت واعظـاً وبالعبـادة شغـلاً».

فعلى الرغم من أن وجودنا عند تقديم العزاء يجب أن يكون لنـا فيه عظة وعبرة ورسـالة للإقبال والتزود بالتقوى والإيمـان والاشتغال بذكر الله والتفكر في الموت، نجد الأحـاديث تسيء إلى تلك المجالس من دون اكتراث لأي مشاعر تنتاب أهل من رحل!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر