5 دقائق

حكمة الجد!

ميره القاسم

يقسم جد أولادي في كل مرة يستمع فيها إلى نقاشي وزوجي، الدائر حول التعليم والمدرسة، بأن من الأفضل لأطفالنا أن ندّخر لهم ما ندفعه من مبالغ نظير رسوم المدارس الخاصة، لأنهم لن يكونوا عند الانتهاء من تعليمهم قادرين -من وجهة نظره- على تحصيل «كثر ها البيزات يوم بيكبرون!»، ودائماً ما يصرّ من خلال حديثه معنا، أن عليهم ترك المدارس الخاصة والالتحاق بالمدارس الحكومية، مشيراً إلى قربها من المدارس الخاصة، فكلاهما على القدر نفسه من الاغتراب عن هويتنا، حيث أصبحت معتمدة «العنجيليزية» في تعليم المنهاج الدراسي، وكم يبدو ساخراً حين يشير إلى ذلك! فالجد شديد الأمل والإيمان بأن زمن أطفالنا لا مكانة فيه لمن لم يدرسوا اللغة العربية بمناهجهم، ويردد بأنه سيأتي يوم سترجع فيه عظمة اللغة العربية، وأن ما يحدث الآن، وإن كان عكس ذلك، فهو ناتج عن ضعف أمتنا وتركها لغتها، إحساساً منها بالنقص والتضاؤل أمام ما أنتجته الأمم الأخرى من علوم تنير حضارات البشرية، وفي كل مرة نستمع فيها إلى وجهة نظر الجد غير القادر على تبرير كيف سيحدث هذا التغيير، نقف والدهشة ترتسم على وجوهنا.

الوقوف أمام فكرة الجد ومنطقه، جعلني أؤمن بأن كلامه منطقي، فبحسبة بسيطة أدركت حقيقة ما سندفعه لأولادنا الثلاثة حتى ينهوا دراستهم، وهو مبلغ لم أستطع تجميع ربعه خلال سنوات عملي الـ.16

لكن أعود وأقول إن تعليم أبنائنا هو استثمار حياتنا وذخيرتنا لأيام ليست أيامنا!

عودة الموسم الدراسي أعادت حالة القلق الروتينية، والخوف من صعوبة المناهج، والجدل الدائم حول أنظمتها التعليمية وقدرتها على خلق عقول مبدعة ناقدة منتجة للمعرفة بحق، تجعلهم معتزين بصدق بهويتهم وقيمهم، وتطويع الواقع لمستقبل قريب جداً من رؤية الجد وحلمه وأمله.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر