مزاح.. ورماح

«ليلة واحدة في الغربية!»

عبدالله الشويخ

«عطني سويتش سيارتك!».. عندما تسمع هذه العبارة هنا فهي تعني بكل تأكيد أن في الأمر مصيبة، فصديقك/أخوك/ زميلك الذي يريد استعارة سيارتك هو إما بخيل لا يريد أن يصرف من بتروله وبطاقة «سالكه»، وإما «مغازلجي» يريد أن يستغل سيارة أفضل و«يتمنظر» بلوحتك ذات الرقم الثنائي، أو أنه يريد أن يقوم بأمر غير أخلاقي ويريد إهداءك التهمة حال تم القبض عليه من الجهات المختصة. ولكن الأمر يختلف تماماً عندما تسمع هذه الجملة في المنطقة الغربية فـ«عطني سويتش سيارتك» هناك تعني أن الحبيب يريد أن يضع لك في دبة السيارة أعداداً مهولة من الرطب تكفيك إلى الموسم المقبل، أو أنه سيضع لك رؤوساً عدة من تلك النجدية، وهذه تختلف عن تلك التي أفتى الدريهم بأنها من الفرقة الناجية بالطبع، أو أنه سيضع لك عدداً لا بأس به من الطوس التي ستحتوي على مفاجآت مختلفة وغريبة لتشعر وأنت تفتحها بالشعور ذاته الذي كان يخالجك صغيراً وأنت تفتح بيض «كندر» مع الفارق بأن مفاجآت الطوس لا تكون «خايسة» كما هي في البيض! في ليلتي السنوية التي أقضيها عائداً إلى الغربية الرائعة أعود عادة ومعي «إغاثات عاجلة» تكفي لحل أزمة الغذاء في النصف الجنوبي من قارة إفريقيا، وكلها خوفاً على مستقبل النسوة، إذ يحلف بالطلاق إن لم تأخذها، وأعود وأنا أفكر في غرابة نتائج تلك الإحصائية الصادرة عن إحدى الجهات الحكومية التي تشير إلى أن أقل من 10٪ من السكان في الدولة لا يعرفون تفاصيل كافية عن المنطقة الغربية.

الغربية ذلك الكنز الثقافي التراثي البشري القبلي.. تلك البقعة التي تصلي فيها بجوار شيبة يحدثك عن الحروب التي خاضها مع «شخبوط بن سلطان»، وتجلس بعد الصلاة مع آخر يحدثك بأنه كان مسؤولاً عن فتح وإغلاق جسر المقطع للسيارات التي كانت تدفع رسوم الدخول لجزيرة أبوظبي.. الغربية عالم من التاريخ والخراريف وقصص البطولات.. كل طفل فيها يقول الشعر دون أن يحتاج إلى فهم وحفظ العروض أو الأوزان ودون إنارات ومكياج وتحليل نفسي ووعد بمليون درهم!

الغربية المنطقة الوحيدة التي سمعت أهالي بعض المناطق فيها يقومون الليل بدعاء من القلب أن يوفق الله الحاكم، ودون أن يكون لهم مأرب ودون نفاق إعلامي وأضواء تسلط، وهم بذلك يمتثلون قول أحمد بن حنبل: «لو أن لي دعوة مستجابة لادخرتها لأولي الأمر»، بينما غيرهم لا يذكرون من تاريخ ابن حنبل سوى أنه قد سجن في فترة ما، رغم أن من سجنه كان المعتصم الذي يتغنى القوم أنفسهم بمواقفه.

الغربية التاريخ الذي سيندثر إن لم ينتبه إليه الإعلاميون ويوثقون ما في صدور أهله.. ليلة واحدة في الغربية كانت تكفيني لعام كامل مقبل.. والحمد لله أنني من الـ10٪ الذين يعرفونها!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر