5 دقائق

شعراء العاميّة رعاة غنم!

ميره القاسم

تحدّثت مع أحد الصحافيين في أحد أقطارنا العربية، لكي يعمل مادة حوارية مع أحد الشعراء العاميين، والدخول - من خلال الحوار - في تفاصيل التعاطي مع الشعر والثقافة الشعبية.. كان يستمع إليّ بهدوء، وفجأة، قال كأنه أصابه مسّ من الخطأ والجنون: كيف أقوم بعمل حوار مع جهلة لا يفهمون شيئاً وليسوا إلاّ رعاة للغنم؟! أخذت ردّة فعله ببرود أعصاب، وامتصصت غضبي بسرعة كبيرة على غير عادتي.

أتعلمون لم سردت لكم هذه الحكاية؟

ربما ستقولون: من باب التندّر.

ولكن.. لم يكن هذا هو القصد.. فأنا لا أتقصّد التندّر، وإن كان في الحكاية

ما يبعث على ما يشي بذلك، بل ما قصدته هو مساحة الجهل المركّب لدى البعض ممن يعتقدون أنهم يعلمون عن تعدد وغنى ثقافتنا العربية، فهذا الصحافي الذي رفض مقابلة شعراء عاميين على أنهم جهلة، هو ذاته لا يتكلم إلا العاميّة، ويتنصّل منها في لحظة الكتابة، وسيحتاج إلى مدقّق لغويّ كي يضبط له رسم الكلمات والنحو والصرف!

هذا الصحافي، الذي يستقبل منذ صباحه الباكر، حتى مأواه إلى الفراش في آخر الليل، سيلاً عارماً من الألفاظ العامية التي تلقّاها منذ أن كان صغيراً، وهي ذاتها الألفاظ التي تمثّل قاموس الكلام الشعري العاميّ العربي.

هذا الصحافي الذي يكتب الشعر أيضاً، لابد أن يمرّ عليه في يومه الطويل

أو القصير الكثير من الأغاني التي يسمعها قصداً أو مصادفة، وهي مركّبة من قاموس كلام يوميّ الطابع.

لماذا إذن نجابه الواقع حين ننكر على العاميّة حقيقتها وحضورها في يومنا الذي نعيشه؟

ولم نستكثر عليها أن تكون جزءاً من مسيرة اختلاف وتمايز بحسب لهجات الوطن العربي الكبير؟!

ألا نحبّ كوكب الشرق؟ ألم تغنّ بالعاميّة؟ ألا نسعد حين نسمع أغانيها؟

لماذا هذه المزايدة إذن؟!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر