5 دقائق

ثقافتنا والمسؤولية الاجتماعية

ميره القاسم

رغم تطورنا ورغم طيبتنا إلا أن هناك فئة تعيش بيننا ترى أنه من المعيب أن نقترب منهم في وطننا.. وتجد صعوبة في لغة التواصل بل لا تجيدها.

نحن في الإمارات وبصفة عامة في الخليج العربي نتميز بتعاملنا الراقي مع الشعوب التي تتعايش معنا في المنطقة بدواعٍ عديدة، منها نقل الخبرات والسياحة التي بدأت تزدهر في المنطقة بشكل عام، وبدأنا نتلمس طريقها الصحيح، واحتياجاتنا الحقيقية إليها، خصوصاً السياحة التجارية التي سنت لها الأنظمة ووضعت لها الخطوات الرئيسة، بالإضافة إلى وجود أعداد هائلة من الأجانب لهم علينا حقوق كما أن عليهم واجبات يلتزمون بها في مجتمع يختلف عن مجتمعهم الأساسي. توقفت كثيراً في حديثي الهاتفي مع صديقتي «هاجر البقمي» من السعودية، التي لفتت انتباهي لنقطة في غاية الأهمية ربما غفلنا عنها، وتركزت مكالمتنا في أسئلة مهمة عدة:

هل عرفنا من تعايش معنا بشكل حقيقي لسنوات وعاد لوطنه؟ ما انطباعه عنا كمجتمع؟ هل ساعدناهم على التكيّف معنا؟ ماذا سيقول لمجتمعه؟

أجابت هاجر بشكل تخصصي كونها تملك دار ترجمة، وتعلم أن هناك مجموعة كبيرة من العمالة والسياح لا يتحدثون العربية، ومن الصعب أن نقترب منهم أو يقتربوا منا حتى أصبحنا «كل في واد».

وجهت سؤالي بشكل مباشر لصديقتي: أين دوركم كأصحاب مشاريع فكرية؟

أجابتني بأنها قدمت مبادرة لبعض رجال الأعمال لنقل الجزء المهم من موروثنا الشعبي واليومي لتلك الفئة عن طريق الترجمة، وعن طريق الأعمال التي تساعد في التقارب بين شعوبنا في الخليج وبين الوافدين الأجانب، وتم التفاعل من قبل بعضهم من باب المسؤولية الاجتماعية، ومازالت العروض والاستفسارات تتوارد لدار النشر، وأكدت أن الأمر يحتاج إلى مؤسسات متخصصة. اختصرت هاجر حديثها المتشعب بقولها، إن هدفنا تجاه من يفد إلينا هو التعرف إلينا من خلال كتيبات توزع على سفارات المملكة في الخارج وفي المطارات وفي الأماكن السياحية الشهيرة لدينا، مثل المهرجانات وقراءة تراثنا ومعرفة طريقة «أكلنا» وعاداتنا، ولبسنا.. كل ما سبق موجود بشكل مكثف في موروثنا الشعبي من خلال الخراريف التراثية أو الأشعار، فتراثنا ضارب بجذوره في التاريخ ومتأصل فينا، ولدينا تجارب مميزة مع وافدين كانوا لا يجيدون اللغة العربية وأصبحوا الآن أصحاب الدار وتركوا أثراً مميزاً في المنطقة، ورسموا لنا صورة جميلة في بلدانهم الأصلية.

انتهى حديث صديقتي وهمّها الوطني الكبير، وتملكني شعور بالفخر عندما أنهت مكالمتها قائلة: «لديكم مؤسسات كبيرة تهتم بالمسؤولية الاجتماعية، مثل المشروع الذي أطلقه الشيخ محمد بن زايد (كلمة) ومشروع مؤسسة الشيخ محمد بن راشد (ترجم)، وغيرهما الكثير»، لذلك أوجه الدعوة لتبني مثل هذا الأمر الذي سنرسم من خلاله صورتنا الحقيقية، وتسامحنا دون أن نسمح لغيرنا بأن يرسمنا حتى لو كان فاقد الموهبة.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر