كل يوم
فعل غير مقبول..
ليس سهلاً أبداً على قادة الإمارات ومسؤوليها تقبل فكرة توقيف مواطنين على ذمة التحقيق، خصوصاً في مثل هذه الأيام الروحانية الجميلة، وهذا الشهر الفضيل، وهم أرحم قادة الأرض على أبنائهم وشعبهم، فالأب أصعب ما يواجه من لحظات هي تلك التي يضطر فيها لتأديب ابنه، لا أصعب من ذلك عليه إلا عقوق هذا الابن نفسه.
هذه العلاقة الأبوية هي ما يميز أهل الإمارات، فنحن كشعب لا نعتبر رئيس الدولة ونائبه وشيوخنا قادة مثل بقية الرؤساء، بل هم أولياء أمر نشعر بقربهم بحنان الأبوة والأمن والأمان، ونشعر بوجودهم في الدولة بالاستقرار والراحة النفسية، نعرفهم جيداً، ونعرف مدى الرحمة والطيبة والكرم وحسن الخلق الذي يمتازون به، ونعرف أنهم أرحم على أبناء شعبهم من بعض الآباء على أبنائهم، وتالياً لايمكن أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه إلا بتجاوز هذه المجموعة القليلة جميع الأعراف والتقاليد، وإتيانهم بأفعال غير مقبولة مجتمعياً وقانونياً.
هذا ما وضّحه الدكتور أنور قرقاش في تغريدات له على حسابه في «تويتر» حين قال «قيادتنا السياسية سعت إلى الوسائل التقليدية من النصح واللقاءات والاستيعاب، وللأسف، فإن الأعراف في التعامل تم كسرها، من خلال الخطاب المحرض والمتحدي لهؤلاء».
مجموعة صغيرة لا تُشكل أي نسبة تذكر من مجموع مواطني الدولة، ومع ذلك فهي تتحدث باسم الشعب، واعتبرت نفسها وصية على هذا الشعب، وحاولت كما هو واضح استغلال حالة الفوضى، التي تمر بها المنطقة لتحقيق مكاسب في هذه الأجواء، التي يعتبرونها مثالية لتحقيق المكاسب، ركزت على السلبيات وضخمتها، وتجاهلت كل إنجاز تحقق على هذه الأرض طوال الـ40 عاماً الماضية.
أتفق تماماً مع الدكتور أنور قرقاش في ضرورة وضع الأحداث الأخيرة في الإمارات في نصابها الصحيح، وأن ندرك أن هذه المجموعة «تحمست للربيع العربي نتيجة ارتباطاتها الحزبية، وقامت بأسلوب منظم وممنهج بتحدي أعراف وتقاليد الحوار العام في الإمارات، ويشهد على ذلك سيل من التغريدات التي طالت القيادة».
لقد اطلع معظمنا على هذه التغريدات التي يقصدها الدكتور أنور قرقاش، ووجدناها تطاولاً غريباً على مجتمع الإمارات، الذي يحترم قادته وشيوخه منذ قديم الزمن، فنحن نُكِن لكل كبير قدراً من الاحترام، ونُكِن لكل حاكم الكثير من التقدير والحب، وهناك آداب عامة في التحاور معهم يعرفها الجميع، ليس ذلك خوفاً من بطشهم وشدتهم، فهم لا يتصفون بذلك، لكنها الأخلاق والعادات والتقاليد ومبادئ وخلق الدين والمجتمع.
يحق لكل مواطن المطالبة بوضع أفضل، ويحق لنا جميعاً أن ننشد التطوير في البنية القانونية للمجلس الوطني، وغيره من مؤسسات، لكن هل أغلقت الحكومة كل الأبواب وتزمتت وتشددت ورفضت التطوير حتى يخرج مثل هؤلاء للمطالبة بانتهازية في وقت سيئ للغاية، مستعينين بمنظمات وجهات خارجية لا تريد لهم ولنا أي خير؟ فهذا فعل غير مقبول على الإطلاق.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .