أبواب

رحلة جيوفاني كاباتو

سالم حميد

جيوفاني كاباتو، ملاح إيطالي، وُلد عام ،1455 سافر إلى البرتغال وإسبانيا من أجل إقناع ملكيها بتمويل رحلات استكشافية للعالم الجديد يرغب في القيام بها، لكنهما لم يقتنعا ورفضا تمويله، فاتجه نحو ملك إنجلترا هنري السابع الذي وافق، وفي عام 1496 انطلقت حملة كاباتو المكونة من ثلاث سفن من ميناء بريستول الإنجليزي، وعندما وصل كاباتو إلى أميركا اعتقد، تماماً مثل كريستوفر كولومبوس، أنه وصل إلى قارة آسيا، صحيح أنه نجح في الوصول إلى العالم الجديد، لكنه فشل في العودة عام ،1498 وعلى الأرجح أنه ضاع في البحر أو مات جوعاً أو قتلته الوحوش أو سكان أميركا الأصليون.

جيوفاني في الأصل كان تاجراً بندقياً، يشتري ويبيع البضائع الآسيوية من الموانئ العربية في البحر الأبيض المتوسط، وكانت أوروبا تعاني سيطرة العرب على البضائع الهندية تحديداً، خصوصاً البهارات، وهذا ما دفعهم إلى تسيير تلك الرحلات لاكتشاف آسيا بأنفسهم، للتخلص من سيطرة العرب على البضائع الهندية، لكنهم اكتشفوا عالماً آخر. وفي عام 1490 غادر جيوفاني إلى فالنسيا في إسبانيا بحثاً عن فرص العمل، حيث كانت إسبانيا تشهد ثورة بحرية، وكانت مقصداً للملاحيين الأوروبيين الباحثين عن عمل، لكن نجاح كريستوفر كولومبوس في إنشاء خط ملاحي يربط أوروبا بأميركا لم يشجع إسبانيا والبرتغال على تمويل عرض جيوفاني الجديد، فاتجه إلى إنجلترا التي كانت حينها تسيّر رحلات بحد أقصى إلى جزيرة آيسلاند، فاقترح جيوفاني على الملك هنري السابع تمديد مسار الرحلات الملاحية لاكتشاف آسيا، فأصدر الملك الإنجليزي موافقته عام ،1496 ليس من أجل اكتشاف عالم جديد فحسب، بل من أجل نشر المسيحية، حيث اشترط الملك على جيوفاني نشر المسيحية في جميع الأماكن التي سيكتشفها، ولم يدرك جيوفاني ضعف كفاءة السفن الإنجليزية، بالمقارنة مع الإسبانية والبرتغالية، إلا بعد انطلاق الرحلة بعدد ثلاث سفن فقط، ولم يكن جيوفاني على وفاق مع طاقمه الإنجليزي، إضافة إلى ضعف التجهيزات وقلة الحمولة التي لا تتجاوز 50 طناً في السفينة الواحدة.

بعد مرور 35 يوماً على انطلاق الرحلة وصل جيوفاني إلى مجموعة من الجزر في القارة الأميركية، فاعتقد أنه وصل إلى الهند، وكتب إلى الملك أنه قد وصل إلى بلاد الخان العظيم، لكنه لم يجد سكاناً محليين، ولم يجد الحرير ولا البهارات الآسيوية، وعندما عاد إلى إنجلترا كافأه الملك على إيجاده خطاً ملاحياً إنجليزياً إلى العالم الجديد بـ10 جنيهات وراتب تقاعدي سنوي قدره 20 جنيهاً، ولم يكن جيوفاني سعيداً بذلك الراتب، فغادر مجدداً إلى إسبانيا والبرتغال لعرض خدماته في بداية عام ،1498 خصوصاً بعد نجاحه مع الإنجليز، وعندما علم هنري السابع بذلك استدعاه وعرض عليه هذه المرة ست سفن شريطة اكتشاف اليابان.

انطلقت رحلة جيوفاني الثانية إلى العالم الجديد عام 1498 من ميناء بريستول، ثم توقفت في آيسلاند، ثم انطلقت إلى المجهول، لكنه لم يعد، فقيل إنه وبحارته قتلوا على أيدي السكان الأصليين، أو التهمتهم العواصف، لكنه ترك ابناً استمر على نهج ابيه اسمه سيباستيان، بدأ العمل الملاحي عام 1508 تحت العلم الإسباني، ونجح في إنشاء العديد من الخطوط الملاحية حتى عام 1553.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر