في الحدث

دموع وقسم مرسي

جعفر محمد أحمد

القسم الذي أداه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، أمام الحشود الثائرة في ميدان التحرير، في مليونية «جمعة تسليم السلطة»، وإن كان رمزياً لأنه سبق أداءه اليمين الدستورية رسمياً أمام المحكمة الدستورية العُليا، فعل مفعول السحـر في أوساط المعتصمـين الموجودين في الميـدان ونزل برداً وسـلاماً عليهم، حيث تعـالت الهتافـات وانهمرت الدموع من عيون المتظاهرين، وانطلقت الزغاريد، فرحًا بأداء القسم الذي كان مثار جدل ونقاش، وأيضا أرضت تعهدات مرسي بالعمل من أجل الشعب المصري صاحب السـلطة الحقيقية، وكذلك عدم التهـاون في أي صلاحيـة من صلاحيات رئيـس الجمهورية، الحشود الغاضبة في الميدان الذي شهد انطلاق ثورة 25 يناير ،2011 التي أنهت 30 عاماً من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، ليتحـول الى سـاحة فرح، بعد ان كان يموج بالغضب والغليان طيلة الأيام الماضية.

لقد أضاف مرسي بُعداً جديداً لمفهوم كاريزما الزعماء، حين خاطب وجدان الناس والثوار في ميدان التحرير دون أدنى عوائق أو تكلف، بل انفرد كأول زعيم مصري يتباهى أمام حشد مليوني، أنه لا يخشى الاغتيال أو الموت، بخروجه عن المنبر المخصص له في المنصة واتجاهه نحو مقدمتها، وسط ذهول حراسه الذين سارعوا للإحاطة به، لكنه سارع إلى فتح سترته كاشفاً لهم عن صدره دون أي سترة واقية من الرصاص. لقد أفلح مرسي بالفعل في حشـد جموع الشعـب بتأكيده انهم مصدر السـلطة والشرعـية التي لا تعلو عليها أي شرعيـة ولا سلطة فوق إرادة الشعـب، وتعهده بأنه سيـقف على مسـافة واحدة من الذين أيدوه ومن عارضوه أيضاً، ماداً يده للجميع، للعمل من أجل نهضة الشعب المصري ورفع المعاناة عن كاهل الجميـع، واستكمال المشوار بدولة مدنية دستورية ديمقراطية حديثة.

لقد كشفت صورة مرسي التي نقلتها كاميرات التلفزيون المصري، وقد تساقطت الدموع من عينيه، خلال نقل شعـائر صلاة الجمعـة من الجامع الأزهر، حيث ادى الجمعة الأولى له بعد انتخابه رئيسـاً، قبل ذهابه الى ميدان التحرير لمخاطبة صناع الثورة، عظم المسـؤولية التي ألقيت على عاتقه، خصوصاً بعد النصائح التي حرص خطيب المسجد، الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي، وزير الأوقاف في الحكومة الانتقالية، على توجيهها إلى الرئيس الجديد، مستشهداً بسيرة أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين، الملقب بـالفاروق، والذي كان يتميز بخصال الحزم، والعدل، داعياً الرئيس المنتخب إلى التميز بهذه الخصـال.

مصر الثورة تنتظر من مرسي تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وشعبها يتطلع إليه ليقود سفينـة الثورة الى بر الأمان، انها مهمة شـاقة ومسـؤولية كبيرة امام اول رئيس مدني منتخب يتولى رئاسـة مصر.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر