أبواب

تعيش الموسوعة يسقط القاموس (2)

قيس الزبيدي

«من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد»، ولأن إسماعيل بهاء الدين سليمان مؤلف «موسوعة الشاشة الكبيرة» الصادر أخيراً في بيروت اجتهد فله مرة أجران، ولأنه أيضاً أجتهد واخطأ فله أجر إضافي. ولأنه يأمل أن يكون قد وفق في تحقيق طموحه في تأليف موسوعته هائلة الحجم ، نراه يرحب بأي تعليقات وانتقادات واقتراحات وإضافات حولها.

وسأحاول كما سبق ونوهت أن أعود وأتوقف هنا عند بعض الانتقادات والمقترحات، وآمل في الوقت نفسه أن يتسنى لغيرنا من المعنيين بأهمية إنجازها، أن يقدموا مراجعة جادة ودراسة موسعة حولها، بدافع تجاوز نواقصها وتحقيق هدفها الأسمى في توحيد المصطلحات، لتكون لها فائدة أكبر في المستقبل.

تمثل جهد الكاتب في البحث عن مقابل عربي للمصطلح الأجنبي وشرحه من خلال التوسع في المصادر الأجنبية المختلفة، لكننا نكتشف أنه تجاهل جهوداً عربية سابقة حققت مجموعة كتب مختصة منها: «المصطلحات السينمائية في خمس لغات» للدكتور سيد علي، و«معجم المصطلحات السينمائية» ترجمة وإعداد الناقدة خيرية البشلاوي، ومعجم «المصطلحات السينمائية» للفرنسية ماري-تيريز جورنو وترجمة فائز بشور، و«لغة السينما» صدر بعنوان «السينما الناطقة» ترجمة علاّم خضر وهو يتضمن 2000 مصطلح من مصطلحات الفن وصناعة السينما.

يراوح حجم شرح كل مصطلح في الموسوعة بين سطر واحد إلى خمس صفحات ولا يستعين المؤلف بأي دقة منهجية في إيجاد مقابل عربي للمصطلح الأجنبي حتى في الحالات المعروفة، فنراه مثلاً يترجم النظرية النسائية (Feminist ) في السينما بنظرية الفيلم «المساواتي»، ويترجم «النمط الوثائقي» بدل الأسلوب الوثائقي، والسيناريو التنفيذي النهائي بدل مصطلح الديكوباج، وهو مصطلح أصبح متعارفاً عليه عند النقاد والحرفيين. ونراه غالباً ما يعرّب المفردات الأجنبية: كلمة «ستايلسْت» بالعربي بدل كلمة ٌى الانجليزية، وكلمة «هايمات» أمام كلمة Heimat الألمانية، والمصطلح يعني اتجاها سينمائيا يعرف بـ«فيلم الوطن» وليس بـ«فيلم الريف» كما يترجمه الكاتب، أما كلمات «علم العلامات» المتداولة، فإنه يترجم مفردة «العلامة» بالإشارة، ومفردة« القرينة» بالدالة، وينحت كلمتي «وقائعي-روائي» بكلمة «تخيقائعي» وغالباً ما نجد إلى جانب تعريف مصطلحات أساسية لا تحصى تنويهات بالرجوع إلى مرادفات لها دون أي فائدة تذكر سوى إكثار عدد صفحات الكتاب.

والأكثر غرابة في منهج الموسوعة المضطرب أن نجد المؤلف يعرّف «التوليف السينمائي» في نحو صفحتين، ويعود في مدخل «التوليف» ليعرفه ثانية حرفياً بعدد الكلمات نفسه ثم يعود إلى تعريف «المونتاج»- المصطلح نفسه- مرة ثالثة بشكل موسع في بعض الفقرات ومكرر حرفياً في فقرات أخرى. الأمثلة كثيرة ويبدو فيها المؤلف كأنه لا يعنى سوى بالتكرار، ولا يعنيه سوى زيادة عدد صفحات كتابه الضخم التي لا تساعد القارئ على استعماله.

يُسهل المسرد على القارئ عملية البحث في المحتويات دون أي عناء، كان الأولى بالمؤلف أن يضيف إلى المسرد الألفبائي العربي - الانجليزي الوحيد مسرداً ألفبائياً ثانياً انجليزي- عربي، خصوصاً ان أصل المصطلحات هو غالباً باللغة الانجليزية.

أخيراً يبقى أن نزف البشرى بمناسبة دخول هذه الموسوعة السينمائية إلى مكتبتنا العربية لتكون بمتناول عشاق الثقافة السينمائية وطلبة السينما وصناعها ونقادها ومترجمي أدبياتها.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر