في الحدث

مصر وتحديات الرئيس

جعفر محمد أحمد

اليوم ينتهي التصويت في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة المصرية، واعتباراً من الغد تتجه أنظار المصريين والعالم الى صناديق الاقتراع التي ستحدد خيار الشعب، بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، وآخر رئيس وزراء في النظام السابق احمد شفيق، ليكون أول رئيس لمصر ما بعد الثورة التي اطاحت بنظام حسني مبارك. حتماً النتيجة لا تخلو من مفاجأة تضاف الى مفاجآت عدة وغريبة أفرزتها الأحداث منذ انطلاق الثورة وحتى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي انتهت بوضع مصر امام خيارين لا ثالث لهما، مرسي الذي ينتمي الى جماعة الإخوان المسلمين أو شفيق أحد رموز النظام السابق.

نتيجة الاقتراع الرئاسي ستسدل الستار على المرحلة الانتقالية في مصر، التي بدت طوال الـ16 شهراً الماضية وكأنها تمتد بلا نهاية، خصوصاً بعد ان اكتشف المصريون أن بنية النظام السابق لم تزل قائمة وفاعلة، حتى في طبقاتها العليا التي كان يفترض أن تنهار وتسقط بسقوط رأس النظام، وهو ما لم يحدث، اذ إن عملية التخلص من بنية النظام السابق لم تمضِ كما ينبغي.

خلافاً لكل استطلاعات الرأي وتقديرات الموقف، حفلت الثورة المصرية بمفاجآت ومواقف عدة غير مفهومة وغير متوقعة، لقد توالت فصول المفاجآت الدراماتيكية في الثورة المصرية، على الرغم من احتجاجات وتظاهرات الثوار في ميدان التحرير بالقاهرة وميادين المدن الأخرى، هذه المفاجآت ظهرت في مواقف عدة منها منطوق محاكمات رجال النظام السابق، بمن في ذلك المتهمون بارتكاب جرائم أثناء أيام الثورة، وأخيراً كانت أم المفاجآت؛ قنبلة المحكمة الدستورية عشية الجولة الحاسمة للانتخابات ، إذ قضت ببطلان دستورية البرلمان الحالي، وبالتالي اعتباره غير قائم بقوة القانون، وحكمت أيضاً بعدم دستورية ممارسة الحقوق السياسية، المعروف بقانون العزل السياسي الذي صدر عن ذلك البرلمان، مجيزة لشفيق الاستمرار في السباق الرئاسي، الأمر الذي وصفه البعض بأنه «انقلاب» حقيقي دبره العسكر، واعتبر اخرون أن ما حدث ثورة مضادة.

مصر اليوم أمام منعطف حاسم ولحظة تاريخية لا تقل عن لحظة الإطاحة بنظام مبارك، ورئيسها المنتظر، سواء كان مرسي أو شفيق، تنتظره مهام جسيمة وتحديات كثيرة، اولها ان البلاد بلا برلمان أو دستور، ناهيك عن مشكلات سياسية واقتصادية عدة تحتاج الى رؤية وحكمة في التعامل. مصر الثورة بدأت مرحلة جديدة من تاريخها، فرئيس الجمهورية لن يحكم بمفرده كما كان في العهود السابقة، وسيكون في امتحان صعب أمام شعبه وأمام العالم. لقد دخل المنافسة في الوصول الى قصر عابدين وهو يعلم تماماً انه قد يذهب إلى السجن ان ارتكب اخطاء.

تحديات كبيرة وأعباء ثقيلة امام رئيس مصر الجديد، فهو مطالب بعملية اصلاح لمؤسسات الدولة البيروقراطية، وتطهيرها من الفساد، وتحقيق طموحات الشعب المصري الذي انتخبه، كما ان امامه مهمة اعادة الأمن للبلاد بعد الفوضى الأمنية التي نتجت عن سقوط نظام مبارك. اما في ما يتعلق بالشؤون الخارجية، فسيواجه الرئيس الجديد مشكلة اعادة دور مصر في السياسة العربية، وتأثيرها في مجريات الأحداث الإقليمية والدولية.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر