5 دقائق

جمعية حقوق المدام!!

ميره القاسم

كان ياما كان في حديث العصر والأوان، «بشكارتان» تعملان لدى أسرة في بيت منفصل عن صخب المدينة.

تيري وميري فتاتان تعملان بسعادة متناهية، تستمعان للموسيقى طوال الوقت، تضعان السماعات في آذانهن غير آبهات بصراخ ربة المنزل، تنظفان كل ما لا يخطر على البال، بدءاً بأجهزة «الريموت» المتسخة بغبار بين أطراف أزراره وانتهاءً بجيوب «الكنادير» وبنطلونات المدرسة من بقايا الدراهم لترمى في سلال الغنيمة.

تيري قصيرة القامة عيناها واسعتان، مشيتها غنج عارضات الأزياء، أما يداها فطويلتان، ذلك أن المال السايب أوغير السايب يعلّم السرقة!

وميري طويلة القامة شفتاها مكتنزتان -باختصار مبوزمة طول الوقت- شعرها أسود طويل تماماً كالعيشة معها، فصوتها مرتفع/مزعج كصوت خربشة الأظافر في الجدار.. يداها مهتزتان، تكسران المواعين، وهي في اللهجة المحلية جمع ماعون، وتعني الصحون - والله يعين.

ربة المنزل امرأة كادحة تعمل منذ الصباح وحتى الساعة الخامسة، هي أشبه بالكثيرات منّا، تشكلت حياتها بفعل صروف الحياة وتطلبات الزمن.

وذات صباح أفاقت المدام وميري تبكي شوق البوي فريند والأحبة كعادتها، لتصطدم ربة المنزل «بوَيْهها المقلوب» الذي سيقلب ساعات اليوم إلى إحدى حلقات الدراما -ويا الله صباح خير، وتتحمل، فأسعار «البشاكير» بلغت ما لا يطاق عدا رواتبهن التي ارتفعت بارتفاع الصرخات نحو جمعية حقوق الإنسان.

تيري وميري لا تصرفان من راتبيهما، فكل شيء متوفر لهما، ومع هذا لا تتوانيان لحظة في اقتناص هدوء الأسرة وطيبتها، فهما تسرقان كل ما أتاحت لهما غفلة أو نسيان، وتتفننان في ابتكار الأماكن لتخبئة ما يسرق.

وفي يوم غبر، عادت ربة المنزل لترتاح، وإذا بتيري وميري حزينتان، وعيناهما منتفختان كأنهما «كستنا محترقة».

فتيري أمها في العناية تستعد للرحيل، وميري زوجها يخونها وهي لا تستطيع العمل (قلب مال هي عوّر لازم روح شوف ريال!)، هكذا صدفة تآخت أقدارهما لتقررا الرحيل، دون تكملة فترة عقديهما، وتتوالى الأعذار بغية الرحيل إلى أن اكتشفت المدام أنهما تحملان الكثير من الغنائم المحشوة في ياقات الأقمصة، واسفنج الاستحمام، وجوارب الأرجل، وعلب «البدي لوشن»!

واستردت المدام أشياءها، لتتخذ القرار بتسفيرهما، فلا هي ولا زوجها لهما «بارض» للشرطة والتحقيق، فاستعاضا الله في جملة الخسائر، منها تذاكر السفر ومصاريف المكتب في استقدام أخريات.

وفي جلسة قهوة اجتمعت المدام مع نساء «الفريج» وسردت عليهن ما حدث، فمشكلات الخدم عديدة وخطيرة وتأخذ منحى مأساوياً في بعض الأحيان، وبدورهن أخذت كل واحدة تتحدث عما حدث معها منهن.

وانتهت «الرمسة» بتوصيات عدة، وذلك بتكوين جمعية لحقوق المدام تكون مضادة لجمعية حقوق الإنسان التي تساند مثل هؤلاء الكاذبات السارقات الخائنات، على أن تضم الجمعية المزعومة كل الأسر التي تعاني استغلال الخدم للمعاملة الحسنة.. والدعوة عامة!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر