في الحدث

الإعدام «عند اللزوم»

جعفر محمد أحمد

إعدام عبد حميد محمود الخطاب، السكرتير الشخصي للرئيس العراقي السابق صدام حسين، والمعروف باسم «عبد حمود»، والذي نفذته السلطات العراقية فجأة ومن دون سابق إعلان، الخميس الماضي، بعد إدانته بـ«جرائم الإبادة الجماعية»، يثير الكثير من التساؤلات والدهشة، خصوصا في التوقيت، لاسيما أنه تم في ظل أزمة سياسية طاحنة يمر بها العراق حاليا، وتتمثل في الإجراءات الخاصة بسحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكي.

هذا التزامن ليس ببعيد عن الأجواء المشحونة، سياسيا وطائفيا، في العراق. فالمالكي الذي عاش أزمة هددت بإسقاط حكومته، بعدما سعى إلى اعتقال النائب السني للرئيس العراقي، طارق الهاشمي، وطلبه أيضا من النواب التصويت على إقالة النائب السني لرئيس الوزراء، صالح المطلك، الذي وصف المالكي بأنه دكتاتور ومستبد، أو حتى «صدام» جديد، يعيش الآن ـ وللمرة الثانية منذ رحيل القوات الأميركية عن العراق في ديسمبر الماضي ـ أزمة مع الكتل الشيعية والسنية والكردية في حكومته، والتي تتناحر في خلاف أثار مخاوف من خروجها عن نطاق السياسة إلى عنف طائفي.

بعيدا عن ما إذا كان ملف الأحكام القضائية، الصادرة بحق أركان نظام صدام السابق، إجرائية وقانونية، بعد إدانتهم من قبل المحاكم المختصة عن الجرائم التي ارتكبوها في حق العراق وشعبه، وبعيدا عن التشكيك في عدالة الأحكام التي نفذت في المتهمين، بعد منحهم حق الدفاع والاستئناف، فإن ترك بعض أحكام الإعدام من دون تنفيذ لفترات طويلة لدرجة النسيان، ومن ثم يفاجأ الشارع العراقي بتنفيذ حكم بالإعدام في توقيت ما، كأنه «عند اللزوم»، بعد أن تم تأخيره دون أسباب قانونية، ينسف شعور المتابعين للأحداث في العراق بأن هناك نوعا من جو المصالحة والتعايش الداخلي، بدأ يتفاعل مع المنظومة الجديدة، وأيضا يبدد رغبة الكثيرين في التسامح، وطيّ صفحة الماضي، ونبذ الخلافات، والانخراط في بناء العراق الجديد، بعيدا عن سياسات الإقصاء والتهميش، وإذكاء روح الانتقام والتشفي.

بعد إعدام «عبد حمود»، هناك محكومون آخرون من نظام صدام، في انتظار التنفيذ، أبرزهم نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز، ووزير الدفاع السابق الجنرال سلطان هاشم أحمد، ورئيس الأركان في النظام السابق حسين رشيد التكريتي، فهل يتم التنفيذ وفق توقيت معين، لهدف معين، يتماشى من مقتضيات وتطورات الأزمة السياسية المتصاعدة في العراق؟ أسئلة عدة وشكوك، تلوح في الأفق، تتطلب من مختلف القوى المؤثرة في المشهد العراقي الابتعاد عن لعبة خلط الأوراق، وتحتم على جميع الفرقاء السياسيين وضع الخلافات جانبا، واللجوء إلى خيار الإصلاح والتصحيح، لأن المرحلة الراهنة تتطلب الجلوس إلى طاولة حوار وطني، وتغليب المصلحة العليا للعراق، وتناسي المصالح الفئوية والجهوية، خصوصا تلك التي تأخذ بعدا طائفيا.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر