أبواب

غياب التنسيق.. ظاهرة ثقافية

علي العامري

على الرغم من الأصوات المنادية بالتنسيق بين المؤسسات الثقافية في الإمارات، خصوصاً في الفعاليات الكبرى، إلا أن الظاهرة لاتزال تمتد على مدار السنة، ولاتزال الساحة الثقافية تدفع ضريبة هذا الغياب لأي شكل من أشكال التنسيق بين المؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بشؤون الثقافة والفنون. هذه الضريبة تتمثل في تشتت الجمهور المهتم بمتابعة الفعاليات الثقافية، من مهرجانات وأمسيات شعرية وقصصية وروائية وندوات ومهرجانات مسرحية وسينمائية وموسيقية وتراثية ومعارض كتب وفنون تشكيلية. ولذلك تبرز حالة أخرى نتيجة هذا التشتت تتمثل في قلة عدد حضور كثير من تلك الفعاليات، والشواهد على ذلك كثيرة، فكم من أمسيات كادت تخلو من الجمهور، وكم من المحاضرات التي يبقى صوت المحاضر يتردد بين جدرانها، في حين يحضرها عدد قليل من المهتمين، من بينهم مسؤولون من تلك المؤسسة المنظمة للفعالية.

ولا تقف ضريبة غياب التنسيق عند هذا الحد، بل إن كثيراً من الميزانيات تصرف لإقامة أنشطة من دون حضور حقيقي، ما يؤدي إلى استنزاف تلك الميزانيات من دون تحقيق الأهداف المرجوة من نشاط ثقافي، تطلب جهوداً وأياماً للتحضير له. وهذا جزء مما ورد في اجتماع ممثلين لمؤسسات ثقافية في مقر ندوة الثقافة والعلوم، قبل أيام، لبحث سبل التغلب على ظاهرة غياب التنسيق. وكان مثقفون طالبوا قبل سنوات بتعزيز التواصل بين المؤسسات الثقافية في الإمارات، لتلافي تكرار أو استنساخ فعاليات من دون مردود ثقافي حقيقي يتفاعل معه المجتمع. واقترح هؤلاء المثقفون والفنانون، قبل أربع سنوات، ايجاد حلقة تواصل وتنسيق بين الجهات الثقافية. كما أطلقت مسارح الشارقة قبل عامين مبادرة للتنسيق بين المؤسسات وفق مبدأ الشراكة، وبقيت تلك المطالبات طي النسيان.

المجتمعون في ندوة الثقافة أشاروا إلى أن غياب التنسيق، يؤدي إلى استنزاف مالي، وتشتت الجمهور، واحتكار ضيوف المهرجانات لدى كل مؤسسة، في حين أشار آخرون إلى أن المشهد يستوعب كل هذه الفعاليات، وأن هذا التنوع مهم. لكن ألا يمكن انتقال فعالية كبرى من إمارة إلى أخرى؟ ألا يمكن مشاركة مجموعة من المؤسسات مع وزارة الثقافة في إقامة فعالية كبرى تطوف المدن والقرى؟ ألا يمكن أن يلقي أديب أو فنان محاضرة في مدينة، وينتقل ليلقيها في مدينة ثانية؟ ألا يمكن أن يفتح اتحاد الكتاب مخازن الكتب لمؤسسة لديها آلية توزيعها، بدلاً من بقاء تلك الكتب نهب الغبار والصمت؟

أعتقد أن كل ذلك ممكن، إذا رفعت المؤسسات الثقافية الحكومية والأهلية شعار الشراكة والتعاون، مع بقاء المجال مفتوحاً للتنافس في التنمية الثقافية.

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر