في الحدث

مَنْ قتل شهداء ثورة مصر؟

جعفر محمد أحمد

الاكتفاء بإدانة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ووزير داخليته السابق حبيب العادلي، بالسجن المؤبد، وتبرئة معاوني الأخير الستة من تُهمة قتل متظاهري الثورة المصرية، إضافة إلى تبرئة علاء وجمال، نجلي مبارك، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، من تُهم الفساد المالي واستغلال النفوذ، أثار موجة عارمة من السخط الشعبي وغلياناً في الشارع لاسيما أن هذه الأحكام جاءت صادمة لكل من حبس انفاسه انتظاراً لمنطوق الحكم، ومتابعاً المقدمة السياسية التي تلاها رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت مغازلاً فيها المشاعر والعواطف، ومديناً النظام السابق بوصفه فترة حكم مبارك بأنها «30 عاماً من ظلام حالك أسود أسود أسود». وأن أولي الأمر خلال ذلك العهد «تربعوا على عرش النعم والثراء والسلطة.. وأن الفقراء افترشوا الأرض وتلحفوا السماء وشربوا من مياه المستنقعات»، قبل ان يعود ويفاجأ الجميع داخل القاعة وخارجها، والمتابعين على شاشات التلفزيون طوال 20 دقيقة، بإدانته مبارك والعادلي بتهمة إصدار القرار بإطلاق النار على المتظاهرين، وتبرئة من نفذ وقتل وعذب على الرغم من انهم شركاء في الجريمة.

حكم «محكمة القرن» الذي لم يعجب الأغلبية العظمى من المصريين ،عاد ليطرح من جديد السؤال: من قتل شهداء الثورة المصرية ما دام كبار ضباط جهازي أمن الدولة والشرطة خرجوا أبرياء؟ وإذا كانت الأدلة أمام القضاء غير كافية لإدانه القتلة، فلماذا لا تتم محاكمة الأجهزة التي أخفت عن العدالة هذه الأدلة وتخلصت منها، في تستر واضح على الجرائم، الهدف منه إهدار دم الشهداء وإعاقة اقامة الحق والعدل، ومنع القصاص من المجرمين، وغل أيدي القضاة عن الحكم بالعدل.

من حق الكثيرين في مصر ان يروا في الحكم الصادر على الرئيس المخلوع رغم قرار النائب العام عبدالمجيد محمود الطعن فيه امام محكمة النقض،

«مؤامرة» تصب في مصلحة المرشح للرئاسة الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، ومخاوف من أن يعيد شفيق (إذا حقق الفوز في جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة)، المحاكمة أمام دائرة جديدة قد تصدر حكماً بتبرئة مبارك.

غليان ميدان التحرير غضباً وحنقاً، والتظاهرات الاحتجاجية على تبرئة قيادات وزارة الداخلية المتهمة بالتورط في قتل متظاهري الثورة دليلان على إدانة ورفض شعبي للأحكام التي صدرت في قضية مبارك، والتي رأى فيها كثير من المصريين رسالة موجهة الى نظام أمني متهم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، مفادها ان القمع سيظل بلا عقاب. الحكم في نهاية الأمر كان، حسب الشارع المصري، قراراً سياسياً هدفه التهدئة وتمرير انتخابات الإعادة، لكنه لم يعجب أحداً، لا نصاً ولا موضوعاً، لأن البراءة للشركاء أمر غير منطقي، فالقضية واحدة لا تتجزأ، وعليه فإن الحكم يجب أن يكون واحداً على الجميع ولو تفاوت!

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر