أبواب

المصطلح في السينما

قيس الزبيدي

تتبنى اللسانيات ضمن محاور اهتمامها إشكالية المصطلح كرمز لغوي محدّد لمفهوم معيّن، يتواضع عليه الناس ويتداولون ألفاظ معانيه. ويساعد علم المصطلح علم الدلالة على فحص إشكالات المعنى، وتعتمد درجة وضوح المصطلح على مفهوم معيّن، يدلّ على دقة معناه ولا تعتمد دقّة المصطلحات على الرموز اللغوية فقط بل على وزن المصطلحات المعرفي ودقة المصطلحات نفسها، بل بوضوح مفاهيم الأشياء التي ترمز إليها، عندئذ يأخذ اللفظ مكانه بين المصطلحات في معجم لساني، طبيعته نظرية في الأساس وتطبيقية في الاستعمال.

بدأت فكرة السينمائي أحمد كامل مرسي وأستاذ الأدب مجدي وهبة في تأليف «معجم الفن السينمائي»، حينما بدأت حركة ترجمة الكتب تنشط في مصر والأقطار العربية وأخذت تظهر في نهاية الكتب المترجمة تذييلات تضم عدداً من المصطلحات الفنية والتقنية، اختلفت ترجمتها بين كتاب وآخر. وبعد نحو 10 أعوام قضاها المؤلفان في مراجعة الموسوعات وأعمال السلف، سواء في العربية أو في اللغات الأجنبية، نتج من حصاد جهدهما: «في المشاركة والإسهام في تطوير الفن السينمائي»، اختيار 3000 مصطلح ومصطلح من بين ما يزيد على 18 مصطلحا، كانت متناثرة في أمهات الكتب والقواميس، ولا شك أن نشر هذا المعجم عام 1973 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كان عوناً لكل الحرفيين العاملين في الوسط السينمائي ولغيرهم من المترجمين والمحاضرين والطلبة ولكل محبي الأفلام والثقافة السينمائية.

تم ترتيب المعجم وفقاً للتسلسل الأبجدي للمصطلحات الانجليزية وأُلحق به كشافان أبجديان احدهما للمصطلحات العربية والآخر للمصطلحات الفرنسية وأمام كل مصطلح فيهما وضع رقم المصطلح الانجليزي، وضم المعجم رسوماً توضيحية قابلت بعض المصطلحات الخاصة ووضعت بجوارها علامة دالة في نحو 45 صفحة إضافة إلى نشر ملحق يتضمن ملامح من التاريخ والذكريات مع التطرق إلى حقائق وإحصاءات عن السينما المصرية في نحو 40 صفحة «من القطع الكبير»، واعتمدت مصادر الكتاب 34 كتاباً باللغة العربية، و13 كتاباً باللغتين الانجليزية والفرنسية.

ومن المؤسف أن مؤلفيه أغفلا، وقتئذ، مصدراً مهماً هو «معجم المصطلحات التقنية السينمائية في العربية والانجليزية والفرنسية والألمانية»، الذي أصدرته لجنة السينما في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم في دمشق عام ،1965 وشارك في وضعه السينمائي السوري صلاح ذهني الذي هو قاموس ثنائي اللغة، يحتوي على كشف بمصطلحات أجنبية مختارة عددها 865 تقابل فيه اللفظة العربية اللفظات الفيلمية باللغات الثلاث مُلحقة بـ25 مصطلحاً دولياً تم شرحها باقتضاب في اللغات الفرنسية والألمانية والعربية. خلاصة القول أن الصعوبة في ترجمة المصطلحات الفيلمية من قبل غير المُلمين باللغة المنقول عنها أو غير الملمين باللغة الناقلة التي يترجمون إليها مازالت تمثل إشكالية تواجه ترجمة المُصطلحات السينمائية أو تعريبها أو اشتقاقها أو نحتها في العربية.

وانطلاقاً من الدور الوظيفي الذي يلعبه المُصطلح الصحيح في مجال ثقافة وتقنيات السينما المعاصرة يتأتى علينا حقاً أن ننبه إلى ضرورة إعادة نشر المعجمين، ووضعهما من جديد، تحت تصرف العاملين في حقل العمل السينمائي والثقافة السينمائية، من أجل الإسهام في تلافي المصطلحات المُلتبسة، ومن أجل إقامة رابطة معرفية سليمة بين المصطلح العالمي والمصطلح العربي الحديث.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر