5دقائق

«رَيْلي» والتركيبة السكانية

ميره القاسم

لا شك في أن النسب الخاصة بارتفاع العنوسة بين المواطنات، التي كشف عنها عضو المجلس الوطني الاتحادي، مصبح سعيد الكتبي، تدعو إلى القلق. وإذا صحت الأرقام التي أوردها من أن عدد المواطنات اللاّتي فاتهن سن الزواج، يصل إلى 175 ألف مواطنة، فإن في الأمر مشكلة حقاً، لكن السؤال الذي ينبغي طرحه في قضية كهذه، لابد أن يكون حول الأسباب التي أدت إلى الظاهرة.

ما المانع في أن نطرح بشفافية كاملة الأسباب الحقيقية، لا الظاهرية، التي جعلت الشاب المواطن يعزف عن الزواج من مواطنة؟!

أول الأسباب أن الشاب يجد طريق الزواج بمواطنة مليئاً بالطلبات والرغبات والتكاليف التي لا تنتهي، ناهيك عن التعصب القبلي، فيما يجد الطريق إلى الأجنبية محفوفاً بالسهولة، فلماذا لا تحرص الأسر على تسهيل أمور الزواج، وتخفيف الأعباء عن الشباب؟ أولسنا مع المحافظة على الهوية الشخصية والثقافية والحضارية للوطن ومواطنه؟!

ثانياً، وهو الأهم في تقديري، رفض الأسرة الإماراتية، وحتى التقاليد السائدة في البلد، زواج المواطنة بعربي مسلم، أليس الحديث الشريف يحث على تزويج المرأة إذا أتاها «من ترضون دينه وخلقه» ولم يقل الحديث جنسيته؟!

في مقال سابق لي رداً على اقتراح لحل مشكلة العنوسة، وذلك بتشجيع المواطنين المتزوجين على الزواج بامرأة أخرى «عانس» قلت: إن الأنسب لنا كمجتمع أن نعيد التفكير في زواج المواطنات من الأشقاء العرب عموماً حلاً بديلاً للإماراتية التي ستتزوج بمواطن متزوج، وما ينتج عن ذلك من مشكلات معروفة، وذلك وفق ضوابط وشروط محددة، مع اقتراح أن يعطى الزوج جنسية مؤقته تستبدل عند بلوغ أطفاله من زوجته الإماراتية سناً محددة، أوبهذا تحل مشكلة أخرى وهي أبناء المواطنات، والحمد لله أن هذه الدعوة، وغيرها، وجدت صداها عند حكومتنا الرشيدة وتم منح أبناء المواطنات الجنسية.

ولكي يحدث التغيير في النظرة الاجتماعية إلى المواطنة التي تتزوج بغير مواطن، ينبغي على جهات كثيرة أن تمارس عملاً توعوياً مستمراً لكي ينتقل المجتمع من الرفض إلى القبول. ولا شك في أن فتح المجال للمواطنة للزواج من عربي مسلم، إذا رغبت في ذلك، سيسهم في حل هذه المشكلة، ومن ناحية أخرى أضمن لـ«ريلي عدم التفكير في إنّه يتزوّج عليّ وحدة ثانية (عانس) بحجة الإسهام في حل التركيبة السكانية»! الغريب أننا لا نبدي ممانعة تذكر في أن يتزوج الرجل من أجنبية على الرغم مما جلبه هذا على مجتمعنا من مشكلات ليس آخرها العنوسة، التي تحدث عنها الكتبي، فيما تقوم الدنيا ولا تقعد حين تفكر مواطنة مجرد التفكير في الزواج من رجل غير مواطن! نحن دائماً نفضل الحلول السهلة ونرفض حلولاً قد تتعارض مع تفكيرنا وأنماط سلوكنا وعاداتنا.

أعلم أن الأمر ليس سهلاً كما أعلم أنني سأتعرض للنقد والصدام من بعض القراء، وإذا كانت العنوسة مشكلة بهذا الحجم الذي يبدو مخيفاً وله أثر خطر في المجتمع، فنحن أمام مرض اجتماعي و«الكيّ» أحياناً هو العلاج الناجع.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر