أبواب

الاستيلاء على أربع لغات

قيس الزبيدي

قرأت مقالة للزميل الناقد سمير فريد في «المصري اليوم»، حول أربعة معاجم أصدرت منها الهيئة العامة للكتاب في وزارة الثقافة في مصر ثلاثة، أولها: «معجم الفن السينمائي»، الذي وضعه المخرج والناقد والمؤرخ أحمد كامل مرسي، وأستاذ الأدب والمفكر الدكتور مجدي وهبة، عام .1973 وثانيها: «المصطلحات السينمائية في خمس لغات»، للدكتور سيد علي، عام .1981 وثالثها: «معجم المصطلحات السينمائية» ترجمة وإعداد الناقدة خيرية البشلاوي عام ،2005 واليوم أصدرت رابعها مكتبة لبنان: «موسوعة الشاشة الكبيرة»، للباحث إسماعيل بهاء سليمان، وعلى الرغم من أهمية الكتب الثلاثة، إلا أن الموسوعة الجديدة، تتضمن المصطلحات التي ظهرت في عالم السينما بعد الثورة التكنولوجية، وكل ما يتعلق بتقنيات «الديجيتال»، وتأثيرها الكبير في السينما وبقية الفنون، إضافة إلى التعريف بالمصطلحات وبتاريخ ومدارس ونظريات السينما، وملحق بأهم مجلات السينما في العالم.

يهمنا أن نتوقف عند كتاب الدكتور سيد علي، وهو قاموس لألفاظ في خمس لغات، تقابل كل لفظة عربية فيه ألفاظاً فيلمية في أربع لغات: «بادرت ـ يؤكد المؤلف في مقدمة كتابه ـ بوضع هذا القاموس المتواضع في خمس لغات». ويضيف: ساعدني في تأليفه إجازة دراستي التخصصية في اللغتين الانجليزية والفرنسية، إضافة إلى دراستي التخصصية العليا في إيطاليا وألمانيا، وكنت: «قدأضعت كثيرا من الجهد في تبويب القاموس بطريقة حديثة وجديدة من نوعها، لأقدمها هدية متواضعة لكل من يرغب في عمل قواميس للغات عدة».

كنا قد اكتشفنا منذ سنوات أن جهد المؤلف قد انصرف حقاً ليس في تأليف القاموس، إنما في «الاستيلاء» الكامل على طبعة سادسة من «القاموس السينمائي في سبع لغات»، الذي صدر في هولندا برعاية قنصلية التعاون الثقافي لقنصلية أوروبا، وحررها الباحث الهولندي S.I van Nooten عام ،1973 وهو إذ أضاف ترجمته العربية لمصطلحات الكتاب الفرنسة والانجليزية والألمانية والإيطالية، فإنه اغفل ألفاظها في اللغات الهولندية والاسبانية والدنماركية. وعلى الرغم من أهمية إعرابه «مصطلحات» الكتاب الأصلية وعددها ،1024 وجهوده المضنية في البحث عن مقابل مناسب للألفاظ الأجنبية في اللغة العربية، بالرجوع طبعاً إلى مصادر عديدة، مضيفاً إليها ترجمة لـ16 جدولاً تخصصياً للعلاقة الحسابية والعددية لمقاييس وأزمنة أشرطة الفيلم 35 ملم، إلا أنه ادعى تأليف الكتاب بالكامل، واضعاً اسمه عليه، مستنداً، ربما، إلى تأليفه كتابين سابقين، هما «تكنولوجيا الفيلم»في جزأين، صدرا عن مكتبة الانجلو المصرية عام ،1965 وكتاب «تكنيك الخدع السينمائية»، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام .1978

يقول المثل: «حبل الكذب دوماً قصير»، لكن ربما علينا أن نُضيف أن هناك كذباً مُضراً، وكذباً مُفيداً. ولعل كذبة «التأليف» هي من النوع الثاني، لأنها تبقى ببساطة كذبة مُنتجة وغير مُضرة، على الأقل بالنسبة لمن يتسنى لهم استعمال ترجمته العربية للمصطلحات الفيلمية الصحيحة، فنحن مازلنا، عندما نقوم بترجمة أي كتاب سينمائي، بأمسّ الحاجة للرجوع إلى مصادر للمصطلحات السينمائية، التي لا تتوافر في المكتبة العربية إلا نادراً وبصعوبة.

دافعنا للكتابة الآن هو طرافة سؤال المؤلف وطلبه من كرام الباحثين، ألا يغضوا الطرف عما يلاحظونه في قاموسه من «هفوات»، ذلك أن المتصفح للكتاب، أبصر بمكان الخلل فيه من منشئه.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر