5 دقائق

حرية التعبير مع «الإخوان»!

ميره القاسم

بالأمس ازداد المشهد المصري سخونة مع إجراء الانتخابات الرئاسية، حيث لم يدخر مناصرو المرشحين للرئاسة وسيلة إلا واستخدموها من أجل النيل من مرشحين آخرين في ما يشبه الحرب، في وقت هم أحوج إلى الالتفاف حول مصر من أجل العبور من عنق الزجاجة وانتهاء المرحلة الانتقالية وصولاً إلى انتخاب رئيس مدني للبلاد، أخيراً قلب ناشطون الدفاتر القديمة وقاموا بنشر فيديو على موقع «يوتيوب» لقصيدة تحت عنوان «رسالة إلى كهنة الإخوان» للخال عبدالرحمن الأبنودي، إذ زعموا أنه قصد منها مهاجمة الإخوان المسلمين، حيث أشاروا إلى أن الأبنودي، كما يدّعون، اتهم الجماعة باتخاذها مواقف بعيدة وغير معبرة عن شباب الثورة، متهماً إياها بالنفعية السياسية وأنهم ليسوا إخواناً إلا «لبعضهم وللمرشد». وأياً كان رأينا في «جماعة الإخوان» بما لا يخالف شرع الله ودورهم السياسي حالياً من خلال مجلس الشعب المصري، إلا أن القصيدة لم يكتبها الأبنودي لمهاجمتهم، بل كتبها ونُشرت في عام 1990 مع العلم أنها مقتطعة من ديوان كامل تحدث فيه الشاعر عن الغزو العراقي للكويت بعنوان «الاستعمار العربي». التقليب في الدفاتر القديمة دليل على أن المساس بحرية التعبير والفكر يأتي في أولويات أجندة الباحثين عن تلجيم الوعي، فإضافة إلى موقفهم من الأبنودي وعم أحمد فؤاد نجم، هناك تساؤلات عديدة تدور في أذهان الكثيرين ممن يؤمنون بحرية التعبير، حول ما جرى أخيراً للفنان عادل إمام، وقضيته التي حكم فيها ضده بتهمة ازدراء الأديان في أفلامه السينمائية، وهي قضية حركها عدد من المحسوبين على التيار الإسلامي من أجل تصفية حسابات قديمة معه. ولم يتوقف الأمر عند الشعراء والفنانين، بل وصل إلى بعض الرموز السياسية التي تتنافس في الانتخابات الرئاسية التي بدأت أمس، فالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المنشق عن الجماعة نشر له البعض صورة قديمة وهو في أفغانستان، إبان حربها مع السوفييت في نهاية الثمانينات، إذ كان ضمن قافلة طبية مع أطباء آخرين في مهمة إغاثة، بهدف الإساءة إليه كي تؤثر في موقفه في الانتخابات!

كذلك المرشح الناصري حمدين صباحي لم ينجُ أيضاً من ذلك، إذ قام البعض بنشر صور لابنته المطربة والمذيعة سلمى، بهدف الإساءة إليه في معركة يخوضها بنجاح. لست هنا في معرض الدفاع عن أي منهم، بل عن حرية التعبير التي يجب أن تكون على رأس أولويات المصريين، خصوصاً بعد ثورة 25 يناير. لا يختلف اثنان على أن ثورة المعلومات هي التي أشعلت ثورات الربيع العربي باعتبارها لغة العصر، وأن مواقع التواصل الاجتماعي لها إيجابيات عدة من أهمها حشد المواقف وتشكيل الرأي العام، على الرغم من أن استخدامها، على كثرة فوائدها، ليس إيجابياً دائماً. نحن نعلم أن لكل معركة أسلحتها، لكننا لم ندرِ أن بعض الأشخاص من ذوي التوجهات المعينة سيوظفون التكنولوجيا والإنترنت في الإساءة إلى كل صاحب كلمة ورأي حر.. أخشى أن تكون حرية التعبير أولى ضحايا الانتخابات بعد أن كانت مكسباً مهماً من مكتسبات الثورة!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر