أبواب

حكايات السيد كوينر

قيس الزبيدي

استعار بريشت لقب السيد ك ليؤلف باسمه مجموعة من الحكايات الطريفة حول أمور ومظاهر مألوفة، يحاول أن ينزع ما هو مألوف فيها ليجعلها مثيرة للاستغراب، وقد نشرت في مخطوطة خاصة بعنوان «حكايات من السيد كوينر»، ونترجم هنا عينة منها. قال السيد ك مرة: من يفكر لا يستخدم الضوء أكثر مما ينبغي، ولا كسرة الخبز أكثر مما ينبغي، ولا الأفكار أكثر مما ينبغي. سئل السيد ك: ماذا تفعل هذه الأيام، أجاب السيد ك: أبذل جهداً كثيراً، لأنني أُحضّر لغلطتي المقبلة.

ماذا تفعل إذا كنت تحب إنسانا ما؟ سُئل السيد ك، فأجاب: أضع مخططاً ليكون قريب الشبه منه. من؟ المخطط؟ لا. قال السيد ك: الإنسان يشبه المخطط (جعل من نُحب على صورتنا؟).

التقى رجل بالسيد ك، بعد زمن طويل، ورحب به قائلاً: أنت لم تتغير على الإطلاق! أوه. قال السيد ك: بينما كان لونه يشحب.

شاهد السيد ك ممثلة تمر من أمامه وعقب: إنها أمراة جميلة. فقال رفيقه: نجحت لأنها جميلة. انزعج السيد ك وقال: إنها جميلة، لأنها ناجحة.

قال السيد ك: من لا يفهم عليه أن يشعر بأن هناك من يفهمه، ومن يسمع عليه أن يشعر بأن هناك من يسمعه.

قال السيد ك: لاحظت أننا نبعد كثيرين عن معتقدنا لأننا لا نترك أي سؤال من دون جواب، أليس من الأفضل لنا، ولو من باب الدعاية، أن نشرع في وضع قائمة بأسئلة، نتظاهر بأننا لم نجد لها حلاً بعد؟

سمع السيد ك عن موظف مديحاً، بحجة أنه كان موظفاً جيداً للغاية، إذ قضى فترة طويلة في وظيفته ولم يخلف له بديلاً. سأل السيد ك منزعجاً: كيف يكون موظفاً جيداً من دون أن يجعل شؤون المكتب تدار من دونه؟ ألم يكن عنده الوقت الكافي لينظم شؤون المكتب بطريقة تجعل الاستغناء عنه مُمكناً؟ أقول لكم: إنه كان يمارس الابتزاز.

كمثال على الطريقة الصحيحة لتأدية خدمة إلى أصدقاء أعطى السيد ك المثال التالي: جاء ثلاثة شباب إلى إعرابي مُسن وقالوا له: توفي والدنا وخلف لنا 17 جملاً وطلب في وصيته أن تُوزع الجمال علينا، بحيث يأخذ أكبرنا نصف عددها، والثاني ثُلث عددها والأصغر تُسع عددها، لكننا فشلنا في القسمة، لهذا نلجأ إليك لتعيننا على تنفيذ الوصية. فكّر الإعرابي قليلاً وقال: كما أرى الأمر، فإنه ينقصكم جمل واحد، وأنا شخصياً عندي جمل واحد لا غير، أضعه تحت تصرفكم، خذوه واشرعوا في القسمة وأعيدوا لي ما يمكن أن يتبقى لديكم. أخذ الإخوة الجمل شاكرين مبادرته الصداقية وشرعوا في قسمة الجمال الـ18 حسب وصية الأب. أخذ الأخ الأكبر نصف العدد أي تسعة جمال، والأخ الثاني ثلث العدد أي ستة جمال، والأخ الأصغر تُسع العدد أي جملين اثنين، وبعد أن أنهوا القسمة، أخذ كل منهم جماله إلى ناحية، وجدوا، والدهشة تغمرهم، أن جملاً وحيداً بقي لحاله، ليعيدوه إلى صاحبه، شاكرين له خدمته. يعقّب السيد ك: مثل هذا الواجب الصداقي هو الصحيح، لأنه لم يُكلف أحداً أي تضحية خاصة.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر