أبواب

أفق إعلامي جديد

سالم حميد

قبل أكثر من عقد من الزمن، وتحديداً بعد أحداث الـ11 من سبتمبر، حاولت قناة أبوظبي الفضائية منافسة قنوات إخبارية عربية مستقلة، وذلك ببث برامج وأخبار ومشاهد حصرية في خضم التنافس بين القنوات بعد تلك الأحداث وحرب أفغانستان والعراق، ثم ظهر منافسون آخرون من خارج الوسط العربي، أي قنوات أجنبية تبث برامجها وأخبارها ورسائلها المبطنة إلى الوطن العربي باللغة العربية، أما قناة أبوظبي الفضائية، كونها محسوبة على الحكومة، فقد انسحبت منذ سنوات من منافسة القنوات الإخبارية المستقلة، رغم أن تلك القنوات اسمياً فقط يُقال عنها مستقلة، لكنها في الحقيقة مدعومة مالياً بشكل شبه كامل من الحكومات التي قامت بإنشائها على أنها مؤسسات فردية أو شركات خاصة لا علاقة لها بالحكومة، وهو تصرف حكيم في حد ذاته، يجنب الحكومات الوقوع في الحرج نوعاً ما وليس كاملاً، كون التلفزيون الحكومي متهماً بأنه بوق إعلامي موجه لخدمة حكومته، لكن حتى التلفزيون المستقل والمموّل من قبل حكومة معينة، هو أيضاً بوق إعلامي، وإن كان بشكل غير مباشر. والحال لا تنطبق فقط على المحطات التلفزيونية، بل على بعض الصحف الدولية التي يُقال عنها إنها مستقلة، لكن بخطوط وتوجهات يصوغها الداعم المموّل، إذ تشهد الصحافة الإلكترونية نمواً كبيراً وإقبالاً كبيراً من قبل المتصفح العربي، لكن من يرد أن يعرف فعلياً توجهات تلك الصحيفة، فعليه أن ينظر إلى نسختها الورقية أولاً ليستكشف بنفسه سلم أولويات الصحيفة، كون الصحيفة الإلكترونية تجمع كل شيء في صفحة إلكترونية واحدة، وهناك مؤسسات إعلامية مارقة، تلعب أدواراً سلبية، بعضها يدري والبعض الآخر لا يدري بفعلته.

انسحاب قناة أبوظبي الفضائية الرسمية من منافسة القنوات الإخبارية الإقليمية المستقلة كان تصرفاً حكيماً، والتصرف الأكثر حكمة إطلاق قناة «سكاي نيوز عربية» أخيراً، كقناة إخبارية عربية إماراتية مستقلة وقوية وذائعة الصيت وقادرة على منافسة بقية القنوات العربية الإقليمية التي فرضت حصريتها على المنطقة العربية، من دون الحاجة إلى إقحام القنوات الرسمية وسط معمعات الأحداث، مع شعار جميل لـ«سكاي نيوز» ومنافس للآخرين تحت عنوان «أفق جديد»، وقبل أن تقدم أبوظبي هذه القناة، سبق لها إهداء العالم العربي قناة «ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي» مجاناً، في مبادرة ثقافية إماراتية تعزز إعلامها المحلي الهادف، فالإعلام والتنافس الإعلامي ليسا حصراً لأحد، ويحق لنا أن ننافس ونطرح توجهاتنا بقوة، تماماً كما يعمل الآخرون.

منتدى الإعلام العربي في نسخته الجديدة الـ11 لهذا العام انطلق تحت شعار «الإعلام العربي.. الانكشاف والتحول»، عله يحمل قضايا تواكب التطورات التي تمر بها دول عربية عدة، والمؤتمر ككل عام طرح موضوعات ترتبط بواقع العرب الجديد وربيعهم وخريفهم، وانعكاسات ذلك على إعلام عربي لايزال بحاجة إلى كثير من الوقت والجهد ليواكب التطور الإعلامي الغربي الذي يرسم نهج ومسار التدفق الإعلامي حول العالم بما فيه منطقتنا العربية، لكن بالنسبة إلى دبي، فهي كعادتها، ناجحة في تنظيم مختلف المؤتمرات والمعارض، وتستحق لقب عاصمة الإعلام العربي، لما تحتضنه من عدد كبير من مختلف وسائل ومؤسسات الإعلام الدولية، وكذلك لما تُشكله من مركز إعلامي حيوي وحر.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر