من المجالس

كل شيء غلط

عادل محمد الراشد

يأتي أحدهم بهالة من سواد لا مكان فيها إلا للألوان القاتمة، ولا طاقة خلالها إلا على التذمر. حال الصحة عنده مجهد وإن شعّت العافية من بين يديه ومن خلفه، أبواب الرزق ضيقة ولو زادت على العشرة، والراتب قليل وإن تجاوز المئة ألف، والوضع الوظيفي غير مرضٍ وإن لامس الدرجات العلا من الهيكل، والمدير أو الوزير سيئ وإن أعطاه حصانة من المساءلة مطلقة وإجازة من العمل مفتوحة، وحال العيال غير مريح وإن قدمت لهم المدارس والمساجد والجيران شهادات تفوّق بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وحال أمهم أشد وطأ وإن وقفت الليل والنهار سهراً على راحته.

الحدائق العامة من خلف نظارات هؤلاء المتذمرين لا يكسوها إلا اللون الرمادي، والشواطئ «مدلخة» لا مياه زرقاء ولا رمال ذهبية، والشوارع غير مجهزة وإن جاوزت حاراتها الست، والجسور غير عملية وإن صرفت عليها أموال الدنيا، والأنفاق غير مفيدة وإن أوصلت الشام باليمن، ومراكز خدمات المراجعين سيئة وإن أوصلت الخدمة إليه حتى مقعده، والموظفون سيئون وإن شقوا له الأفواه من الأذن إلى الأذن، وإمام المسجد لا يصلح لأنه لا يلتزم بقراءة قصار السور، والمسجد غير مناسب لأنه لا يجاور سور البيت، والبيت غير مناسب لأنه لا يقع على الكورنيش، والخدامة ملعونة لأنها تذهب إلى النوم مبكراً بعد الحادية عشرة بقليل، والسائق غير مخلص للبيت والعائلة، لأنه يتمتع بالإجازة في كل سنتين مرة واحدة.

مكان واحد يألفه هؤلاء وهو الطاولة التي تعودوا على الالتقاء حولها في الـ«كوفي شوب»، لتبادل أحاديث النكد وتصدير مشاعر التذمر، ثم لا يفوتهم بعد ذلك إعطاء النادلة و«اللي شغلوها» نصيباً من نقمتهم.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر