أبواب

مبادرة « سباعية » للغة العربية

علي العامري

ليست اللغة العربية مجرد حروف وأصوات وليست «زينة» خارجية في المناسبات والأعياد والشعائر الدينية والخطب، إذ إنها معيار لوجود العرب على كوكب الحياة، ومقياس لمدى حضور الأمة في الفعل الحضاري الإنساني بكل أشكاله، وهي كذلك أحد أهم عناصر الهوية العربية، وهي وسيلة اتصال وتواصل وثقافة وعلم وبحوث وفنون، إنها روح الأمة ودليلها إلى المستقبل مروراً بالماضي والحاضر، لكن أين نحن الآن من لغتنا الجميلة، من مخزون المشاعر والعلوم والأدب والفن والإبداع؟ وأين هي الآن في البيت والمدرسة والكلية والجامعة والشارع والدكان وفي الاجتماعات والمؤتمرات والدراسات وفي المخاطبات اليومية؟

وقف كثيرون على «الأطلال» يتباكون حال لغتنا العربية، يلومون المدارس حيناً والأهل ووسائل الإعلام حينا آخر، بل يلومون اللغة نفسها، ويتهمونها بأنها «قاصر»، وأنها «جامدة» لم تواكب العصر والحياة، كما لو أنها لغة مقبورة، ولم تكن لغة الأدب والعلم والحضارة. وقف هؤلاء مبهورين أمام اللغتين الإنجليزية والفرنسية، «يتباهون» وهم يخلطون كلاماً بكلام من لغتين أو أكثر في جملة واحدة، كما لو أن لغتنا عاجزة عن الإفصاح والقول والتعبير، مع أنها ماء حياة، ولغة «شعشعانية» بالمعنى المعرفي والتعبيري.

وبين من «يتباكى» على الأطلال، ومن «يتباهى» بالتشدق بالرطانة، جاءت مبادرة إماراتية لتقول إن المشكلة لدينا نحن العرب، وأننا مقصرون تجاه لغتنا، إذ بدأت المبادرة بالاعتراف بوجود ظاهرة «تغييب» اللغة العربية وتهميشها، وفي الوقت نفسه تضع «المبادرة السباعية» إصبعها على الوجع، لتحدد سبعة برامج في مبادرة شاملة تهدف إلى تعزيز اللغة العربية في المجتمع.

المبادرة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد، لتكون باكورة أعمال «مجلس السياسات» في قصر البحر بدبي، وضعت الخطوط العريضة لعلاج وضع اللغة العربية، في البيت والمدرسة والجامعة والشارع والمؤسسات، وتضمنت سبعة مشروعات أساسية، هي ميثاق اللغة العربية، ومجلس استشاري لتطبيق بنود الميثاق، ومعهد اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكلية ترجمة في الجامعة الأميركية بدبي، وتعزيز المحتوى العربي على «الإنترنت»، ولجنة خبراء لتعزيز حضور اللغة العربية بوصفها لغة معرفة وعلم وفنون، وتحديث أساليب تعليم اللغة في المدارس وتشجيع الطلبة على استخدامها من خلال المسابقات التحفيزية.

«خريطة الطريق» التي رسمتها المبادرة، والتي أعلن عنها بحضور وزراء ومثقفين وأدباء وصحافيين ومسؤولين كبار، تتطلب جهوداً مؤسساتية بالدرجة الأولى، لوضع آلية تنفيذها، لتؤكد المكانة العليا للغة العربية التي تعد أكثر اللغات السامية حضوراً وتفاعلاً، ووصل تأثيرها إلى لغات عدة من التركية والفارسية والكردية والأوردية والسواحلية والماليزية والإندونيسية، إضافة إلى اللغات الإسبانية والبرتغالية والإنجليزية والفرنسية والمالطية وغيرها، إذ تضم «الإسبانية» وحدها أكثر من 6000 كلمة من اللغة العربية، ولا يُخفى التراث العلمي للغة العربية في الفلك وعلوم النبات والطب والصيدلة، علاوة على الشعر.

 alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر