في الحدث

هجليج.. أفراح وأحزان

جعفر محمد أحمد

من حق الحكومة السودانية والشعب أن يفرحوا ويحتفلوا باستعادة القوات المسلحة منطقة هجليج النفطية بالقوة من أيدي قوات جيش جنوب السودان، بعد أن احتلها 10 أيام كانت غصة في حلق كل سوداني غيور على أرض وتراب الوطن. تدفق آلاف السودانيين الى مقر رئاسة أركان الجيش فور الإعلان عن تحرير هجليج، وما شهدته العاصمة والمدن السودانية من مسيرات في الشوارع في واحدة من اكبر تظاهرات الفرح منذ سنوات، يكشف حجم الغضب الذي كان مكبوتاً في الصدور، والذي ترجم الى فرح وتهليل وتكبير بعد الاسترداد والتحرير.

«أفراح هجليج» التي كانت عنوان احتفالات القنوات الفضائية السودانية، هي غضبة شعب على احتلال منطقة عزيزة وغالية، من دولة وليدة لم تكمل عامها الأول، وللأسف ولدت من رحم الوطن، هذه الافراح الظاهرية تحمل في طياتها غضباً عارماً على تفريط ما كان له ان يحدث لو ان وزارة الدفاع السودانية ووزيرها الفريق الركن عبدالرحيم محمد حسين، كانا على قدر المسؤولية، وبدلاً من الحديث عن البطولات، كان من الشجاعة الاعتراف بالتقصير وتحمل مسؤولية ماحدث، والإقرار بالخطأ لتفادي تكراره ثانية.

الأفراح السودانية بتحرير هجليج، أو بالأصح غضب الأمة، تمددت حتى بلغت مناداة الشارع بأنه لن يرضى بغير جوبا، داعياً الجيش الى التوجه نحو عاصمة جنوب السودان، وهو ما دفع الرئيس عمر البشير، الذي كان يرتدي البزة العسكرية، الى القول امام الحشود الغاضبة: «هم بدأوا القتال، ونحن الذين نعلن متى ينتهي القتال»، مؤكدا أن «الزحف لن يقف، والحرب بدأت ولن تنتهي».

لقد كان البشير صريحاً وواضحاً عندما أقر بأن ما حدث كان غلطة وخطأ يجب تصحيحه، في اشارة واعتراف ضمني بالمسؤولية. وقوله ان هجليج ليست النهاية بل البداية، هو إشارة الى مواصلة القتال ضد حكومة جوبا، ورد الصاع صاعين، حتى ولو استدعى الامر التوغل داخل عمق دولة الجنوب، واحتلال بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الجنوبية.

ما حدث في هجليج الغنية بالنفط، كان درساً قاسياً للشعب والحكومة السودانية، وهو قطفة اولى لثمار انفصال الجنوب الذي تم بموجب اتفاقية نيفاشا عام ،2005 الفضفاضة، التي اضاعت ربع مساحة السودان، وبدلاً من الفرحة العارمة والاحتفال بالتحرير، وخوفاً من ان نفاجأ غداً بهجليج أخرى، أو بانتيو جنوبية، لابد من محاسبة المقصرين عن أداء واجبهم مهما علا شأنهم، فلا كبير على أمن وسلامة الاوطان، وهذا دين واجب ومستحق. ولابد من إطلاع الشارع السوداني على الحقائق وخفايا ما حدث في هجليج بعد أن كان مغيباً طيلة الأيام الـ10 الماضية.

والسؤال المهم: أين كاميرات التلفزيون السوداني عن هجليج وسكانها وآبارها ومنشآتها النفطية؟ لان الشعب يريد معرفة الحقيقة بالصورة والصوت، ولا ننسى أخيراً أحزان هجليج.. فهناك شهداء وأسر مكلومة فقدت معيلها وجرحى يحتاجون الى وقفة ومواساة وتفقدٍ، خوفاً من ان يضيعوا في غمرة «أفراح هجليج».

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر