5 دقائق
فكّر فيهما
ماذا أكتب وكيف أعبر إذا كان الحديث عن موضوع مؤثر للغاية، قديم متجدد ولابد أن يتجدد، فإن لم يكن حديثنا وكلامنا عن هذا الموضوع فاعلموا معاشر القراء أننا في دائرة الخطر، إن هذا الموضوع هو بر الوالدين، وكلنا يعرف أهمية بر الوالدين، ولكن الذكرى تنفع المؤمنين، ومهما قدمنا لهما فسنظل مقصرين للغاية، لا أخفيكم أني أشعر برغبة كبيرة في البكاء عندما أتكلم عن أمي وتقصيري معها، وكذلك عندما أتكلم عن أبي، ولن نعرف قدرهما إلا إذا قدر الله عز وجل ورحل أحدهما عن هذه الدنيا.
فكر في هذه الأم التي حملتك تسعة أشهر، تبكي فتأتي مسرعة تخاف عليك، وتحمل همك في حال مرضك، وإذا حققت نجاحاً في الحياة فلا يوجد من هو أسعد منها، وإذا قدر الله ووقع عليك مكروه فقد يتوقف قلبها خوفاً عليك.
انظر إلى هذا الرجل الكبير المسن، إنه والدك الذي تعب لأجلك ويفرح لفرحك، لا تظن أنه ينتظر منك درهماً أو مالاً، فكثير من الآباء ولو كان فقيراً معدماً لا ينتظر من أبنائه إلا الاحترام والحب والعطف والحنان، فما أجمل أن تقبّل رأسه إذا دخلت المنزل، وتأخذه معك إلى الصلاة، وتقول له: أحبك يا والدي، فهذه المشاعر الطيبة منك كم ستفرحه.
اغرس في أبنائك بر الوالدين بأقوالك وأفعالك، وكن قدوة حسنة لهم، حدثهم أنك تقوم بهذا الأمر ابتغاء الأجر من الله، فقد يكون أحد الوالدين في بعض الأحيان قاسياً مقصراً مفرطاً، فبيّن لأبنائك أنك تفعل هذا الأمر لوجه الله، وما عند الله خير وأبقى.
ومن الناس من يستمر بره بوالديه بعد موتهما فيوقف عنهما الأوقاف المختلفة، ويتصدق عنهما بالصدقات الجارية، ويحج عنهما إذا لم يحجا، ويصل أقارب وأصدقاء والديه، ويضيف إلى ذلك الدعاء الكثير العظيم لهما، فهنيئاً لمن كان هذا حاله.
وبعض الناس - هداهم الله - وقعوا في عقوق عظيم للوالدين، فتسأله متى جلست مع والدك آخر مرة؟ فيجيبك بقلة حياء من الله: لا أذكر. وبعضهم قد يتمادى ويزين له الشيطان فيرفع صوته على أمه وأبيه وأحياناً يفعل ما هو أسوأ من ذلك، ثم يأتيك متسائلاً: لم لا أعيش سعيداً، فحياتي كلها هموم وأحزان وقلة توفيق؟ ولو فكر في ذنبه وجرمه لعرف السبب بنفسه.
وكما أن البر من أعظم أسباب الخير، فكذلك العقوق من أعظم أسباب الإثم والشر وقلة البركة والتوفيق، والأيام حبلى، فمن عق والديه عقه أبناؤه في المستقبل، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل أو برهان لشهرته واستفاضته.
وختاماً لا يسعني إلا أن أقول: رب ارحمهما كما ربياني صغيراً.
مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي
Twitter:@alkamali11
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .